صحيفة إلكترونية استقصائية ساخرة
after header mobile

after header mobile

اسرائيل ضلع ثالث في المثلث الاستراتيجي

يبدو انه في كل مرة يتكلم فيها قادة تركيا عن شؤون اسرائيل فانهم يفعلون هذا لاثارة حنقها. في الاسبوع الماضي كان وزير الخارجية التركي هو الذي تبجح بأن بلاده هي التي ‘نجحت’ في عزل اسرائيل في الشرق الاوسط.
ومن وراء قناع التشهير توجد توجهات الحزب الحاكم الاسلامية والعثمانية الجديدة في حين أن نزاع ‘مرمرة’ هو سبب لها. لكن كلام التبجح لا يستطيع ان يخفي عن نظر أنقرة أنه ينشأ حولها واقع سياسي واستراتيجي جديد يضع علامات سؤال أمام استمرار توجهها المعادي لاسرائيل.
ان أنقرة لا تستطيع ان تتجاهل المواجهة التي أخذت تزداد حدة بينها وبين ايران. ولا يسهم في هذا فقط موقف تركيا الحازم في مواجهة الرئيس الاسد حليف ايران القريب، بل وربما يكون هذا هو الأساس، الفروق العقائدية والعملية بين مذهبين اسلاميين مختلفين وذلك بسبب رغبتهما في استعمال القناة الدينية لزيادة تأثيرهما السياسي في العالم العربي والاسلامي.
رأينا في الاسبوع الماضي مستشار آية الله خامنئي يهاجم الطريقة المتبعة في تركيا باعتبارها نسخة من ديمقراطية الغرب المعيبة ‘التي لا يمكن ان تكون مقبولة في بلاد الفجر الاسلامي’. وليس الحديث فقط عن تنافس عقائدي بل عن شيء ما مخصوص. فعلى سبيل المثال أيهما تُعطى التأثير في العراق بعد انصراف الامريكيين أطهران الشيعية أم أنقرة السنية؟.
وتوجد وراء الصراع تقديرات اخرى ايضا: فتركيا عضو في حلف شمال الاطلسي، أي هي شريكة استراتيجية لامريكا البغيضة، بل انها وافقت على ان تنصب على اراضيها نظاما صاروخيا موجها على ايران. وفي مقابلة هذا هددت القيادة الايرانية تركيا بأنه اذا هاجمت الولايات المتحدة أو اسرائيل ارضها فان الرد الايراني سيصل قواعد تركيا ايضا. يمكن ان نلخص اذا ان سياسة تركيا الخارجية المتبجحة فشلت فشلا غير صغير: فمبدؤها الذي قال انه ينبغي انشاء علاقات ساخنة مع جارتيها القريبتين ايران وسوريا (والحال مع بلغاريا أقل وضوحا) تحطم على صخور الساحل. هذا الى انه لم يعد يُتحدث بعد عن امكانية الانضمام الى الاتحاد الاوروبي.
ان تركيا ما تزال حليفة مهمة لامريكا. وستزداد أهمية في ضوء تضاؤل اللاعبات الاخرى في جماع الشريكات الاستراتيجيات لامريكا في المنطقة. وتوجد ايضا بالطبع اسرائيل التي هي ضلع ثالثة في هذا المثلث الاستراتيجي.
والأتراك حتى لو كانوا عالمين بالنتائج السلبية للعلاقات مع اسرائيل لا يعترفون بهذا ـ ولا ينبغي ايضا ان نتوقع ان يعود الوضع الى ما كان عليه؛ وطبيعة حكام تركيا لا تُمكّن من هذا. فامريكا عالمة لكن علمها لا يعبر عنه الآن جهد أكبر لاصلاح الأعوج. وماذا عن اسرائيل؟ ان جهات سياسية وامنية واقتصادية تعي أهمية االعلاقات مع تركيا، لكن مطالبها من اسرائيل فيما يتعلق بقضية ‘مرمرة’ غير معقولة وغير عادلة. ان ما يجب ان يوجه خطواتنا السياسية العملية هو مصالحنا الرئيسة لا تقديرات الكرامة وجلالة الشأن مهما تكن على حق.
ان الدبلوماسية الصحيحة تناقض التوجه الذي يقول انه لا يوجد ما نفعل. يجب عليها ان تبحث عن سبل لصياغة الوضع من جديد بقنوات رسمية أو غيرها. ومن اجل ان ندفع الى الأمام بمبادرة كهذه يجب علينا ان نفحص ايضا عن عدد من المواقف التي تم الالتزام بها في الماضي والتي ربما كانت صحيحة في صعيد ما لكنها ليست بالضرورة كذلك في صعيد مصالح اسرائيل في الوقت الحالي.

اسرائيل اليوم 22/12/2011

تعليقات الزوار
Loading...
footer ads

footer ads