صحيفة إلكترونية استقصائية ساخرة
after header mobile

after header mobile

شتاء اسلامي يسقط طغاة بدول عربية

لا بد أن وزير التاريخ سيصنف العام 2011 كعام المفاجآت الكبرى في الشرق الاوسط. فنحن لا نتمكن من استبعاد أحد التطورات فاذا به يسقط علينا تطور مفاجىء جديد.
التونسيون كانوا الاوائل الذين رفعوا علم الثورة ضد الفساد، وفي غضون وقت قصير انضم اليهم الليبيون، اليمنيون، المصريون وكذا السوريون. الشعوب العربية حطمت حاجز الخوف، خرجت الى ميادين المدن وفاجأت في الثورات الجماهيرية ضد الزعماء الطغاة. وكشفت الثورات فوارق عميقة في مزايا الشعوب العربية، في طبيعة حكامهم وفي سلوك جيوشهم.
في ‘ام الدنيا’ كما يقول المصريون، بشرنا في كانون الثاني بحلول ‘الربيع العربي’. وفي غضون وقت قصير سقطت الانظمة في تونس وفي ليبيا، وفي مصر تنحى حسني مبارك وقدم الى المحاكمة كأحد أفراد الشعب. نتيجة الانتخابات هي ‘شتاء اسلامي’: 75 في المائة من الناخبين صوتوا في الجولتين الاولتين في صالح الاحزاب الاسلامية الاخوان المسلمين والسلفيين اما الكتلة الليبرالية العلمانية، التي بادرت وقادت الثورة، فتلقت باقي الاصوات التي تشكل أقلية.
انتصار المحافل الاسلامية في الانتخابات في تونس وفي مصر وسيطرتهم في ليبيا جاء بفضل نفوذهم الذي اتسع تحت حكم الطغيان. وقد اتسع النفوذ الاسلامي بفضل مشاريع توزيع الغذاء للمحتاجين. وهكذا نشأ خليط مظفر في الانتخابات للمحافل الاسلامية.
ولكن ما هو العنصر الذي تسبب بالثورات في الدول العربية؟ بلا شك، المثقفون العرب هم الذين زرعوا على مدى السنين، في دولهم وبالاساس خارجها، شرارات الهزة الارضية الحالية. كتاباتهم النقدية التي تجاهل الحكام تأثيرها، هي التي أعدت التربة لانفجار الجماهير. الشعراء والكتاب حاسبوهم على قمع الحريات، التفكير وحرية التعبير؛ احتجوا على استغلال ‘فلسطين’ كذريعة لسيطرتهم بلا كوابح على شعوبهم. المفكر أدونيس دعا (في مقال نشر في 3/3/2011) الثوار الى المطالبة أولا وقبل كل شيء بالغاء الرقابة على الفكر والحياة. الحرية، إذن، هي الاساس لكل بني البشر.
في هذه الايام عادت النار الى مصر. الشباب الذين أدوا الى الاطاحة بمبارك وتطلعوا الى التحول الديمقراطي، بقوا محبطين.
عملية الانتخابات كشفت عن ضعفهم العددي. وبالتالي، يمكن الافتراض بانهم سيواصلون الاعراب عن استيائهم، ولا سيما في ضوء المس بالمؤسسات الثقافية للدولة.
الشرق الاوسط ليس مكانا للسذج. لم تتبلور بعد شعوب منسجمة في الدول العربية التي اقيمت بشكل مصطنع وتعسفي على ايدي القوى العظمى الغربية في النصف الاول من القرن العشرين. وتكافح الشعوب من أجل طابعها. طالما سيطر عليها طغاة مطلقون، اديرت الدول ظاهرا على مياه هادئة. ولكن عندما حل لجام الحكم، صعدت المحافل الاسلامية ذات النفوذ وأمسكت بالحكم في تونس وفي ليبيا.
وعليه فان علينا أن نفتح العيون ونمتنع عن الموقف الرسمي من الاحداث في الدول العربية. فموقفنا ستستغله المحافل المعادية لصرف الانتباه عن المشاكل الداخلية العسيرة في اتجاه اسرائيل كريهة نفوسهم. وبالتوازي، علينا أن نحاول البحث والعثور عن محافل معتدلة نحافظ معها على الاستقرار الجغرافي السياسي الاقليمي. ماذا ينتظرنا في العام 2012؟ الايام ستروي.


تسفي غباي
‘ كان سفيرا ونائب مدير عام وزارة الخارجية
معاريف الاسرائيلية 26/12/2011

تعليقات الزوار
Loading...
footer ads

footer ads