صحيفة إلكترونية استقصائية ساخرة
after header mobile

after header mobile

كريم غلاب يلقي كلمة مؤثرة في مؤتمر الاتحاد البرلمان الدولي بأوغاندا


السيد رئيس البرلمان الأوغندي ،
أصحاب المعالي،
السيد رئيس الاتحاد البرلماني الدولي،
السيد الأمين العام للاتحاد البرلماني الدولي،
السيدات والسادة رؤساء وأعضاء الوفود،
حضرات السيدات والسادة،

يسعدني أن أعبر باسمي الخاص وباسم أعضاء الوفد البرلماني المغربي، عن امتناني للجمهورية الأوغندية، على استضافتها لمؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي شاكرا السيد رئيس البرلمان الأوغندي على حسن الاستقبال والاهتمام وكرم الضيافة الإفريقية الأصيلة، وما تم بذله من جهد خاص لتوفير أفضل الشروط لانعقاد هذه الدورة، والشكر موصول إلى السيد رئيس الاتحاد البرلماني الدولي والأمين العام وأطر الاتحاد على اهتمامهم وعنايتهم وحرصهم على تسهيل مهامنا كأعضاء في هذا المنتظم الدولي الذي نعتز به.
واسمحوا لي أن أؤكد لكم، حضرات السيدات والسادة، إيماننا واعتزازنا بالقيمة النوعية لاتحادنا هذا، في إثراء الثقافة الديمقراطية وتطوير الممارسة البرلمانية، وفي تعزيز حضوره المؤثر، كمنتدى للحوار البرلماني في العالم وأداة فاعلة في تطوير آليات الديمقراطية النيابية، وترسيخ قيم التعاون بين الشعوب وثقافة ومبادئ السلم، فضلا عن أدواره التقنية الإيجابية في مساعدة البرلمانات، خصوصا في البلدان ذات التجارب الديمقراطية الفتية، للارتقاء بأدائها ودعم هياكلها ونظمها.
من هنا إذن، أهمية الموضوع المطروح للنقاش في هذه الدورة: ردم الهوة بين البرلمانيين والمواطنين. بمعنى آخر، أهمية متابعة التفكير في طبيعة وهوية الممارسة البرلمانية ذاتها بما هي فعل ديمقراطي بامتياز حيث يمثل البرلماني المواطن، ينبغي بالتالي أن يشركه، وأن ينصت إليه، ويتفاعل مع تطلعاته وحاجاته ومطامحه.
إن الأهمية القصوى للموضوع المطروح للنقاش في هذه الدورة، وتعدد أبعاده السياسية والاجتماعية والثقافية والتواصلية يجعلني أقترح على اتحادنا البرلماني الدولي أن يولي المزيد من العناية للجانب العلمي والمعرفي ولوضع آليات لإنجاز دراسات ميدانية تفصيلية حول مختلف التجارب الديمقراطية النموذجية في العالم، وذلك حتى نستفيد من كل تجربة ناجحة أو قابلة للنمذجة والتطوير مع استحضار  السياق التاريخي والاجتماعي والثقافي والسياسي الخاص بكل تجربة.
ومن الناحية العملية، إذا أردنا أن نطور فعليا فعاليتنا، علينا أن نفكر جديا في توفير الوسائل المالية الضرورية لإصلاح وتأهيل وتقوية العمل البرلماني حتى يكون في مستوى انتظارات المجتمع، أي عملا ناجعا منفتحا شفافا يعكس انشغالات المواطنين والمواطنات، إنني أسجل شخصيا وبعد بضعة أشهر من تحمل مسؤولية رئاسة مجلس النواب ببلدي، أن المؤسسات التمويلية والتنموية الدولية، لا تعتني بالشأن البرلماني، إذ أن تأهيل العمل البرلماني والإصلاح الديمقراطي له ثمن ويحتاج إلى دعم مالي، باعتبار البرلمان  هو قلب الديمقراطية، ومؤسستها المركزية، وكل إصلاح ديمقراطي ينبغي أن يشمل بالأولوية البرلمان، إذ لا ديمقراطية بدون برلمان فعال وذي مصداقية، ولذلك ألتمس منكم، ومن هذا المنبر، أن ندعو، باسم اتحادنا، المؤسسات التمويلية الدولية إلى التعامل بكيفية مباشرة مع البرلمانات، وتوفير المساعدات المالية لبرامج الإصلاح عن طريق الهبات ومختلف الوسائل المتاحة. إذ لا يعقل أن تدعو المنظومة الدولية إلى تعزيز الديمقراطية والحريات العامة وحقوق الإنسان، بدون أن توفر آليات مادية للدعم المباشر الموجه للنهوض بالعمل البرلماني، بدل الاقتصار فقط على دعم الحكومات.
ولعل من المفيد لأجرأة هذه المساعدات، أن ندرس إمكانية إحداث هيئة تنفيذية تابعة للاتحاد البرلماني الدولي، متخصصة في الدعم المؤسساتي للعمل البرلماني، تضطلع ببلورة برامج التعاون المنبثقة عن التمويلات السالفة الذكر وتقديم المواكبة التقنية المتعلقة بها، ويمكن لأجهزة الاتحاد البرلماني الدولي أن تنظر في كل الآليات الكفيلة بتحقيق هذا الهدف، وذلك في إطار التعاون بين مؤسستنا وهيئة الأمم المتحدة.
السيد الرئيس،
السيدات والسادة،
واليوم، وبعد ما تحقق من تراكم في العمل البرلماني له إيجابياته الكثيرة وله حدوده بطبيعة الحال، يمكنني القول بأن الأداء البرلماني لا يقاس دائما بحجم الإنتاج التشريعي والمراقبة البرلمانية فقط رغم أهميتهما القصوى، وإنما أيضا يقاس بنوعية العلاقات بين البرلمان والمواطنين، وخصوصا من خلال مكونات المجتمع المدني والسياسي والإعلامي.
ولقد بتنا ندرك اليوم أن المواطن لا يقتنع بقيمة الديمقراطية البرلمانية فقط لأنه يعرف أنه هو الذي يختار ممثليه في برلمان بلاده.  بل علينا أن نفكر باستمرار في أن نجعله يؤمن بجدوى وقيمة ومعنى المؤسسة البرلمانية التي تمثله وتعبر عن إرادته. وهذا ما يجعل البرلمان مدعوا -أكثر من أي وقت مضى-إلى أن يكون منفتحا على المواطنين، قريبا من انشغالاتهم الملموسة، قادرا على إشراكهم.
وبالنسبة إلينا في المملكة المغربية، فقد تمثلنا دائما التجارب الديمقراطية في العالم سواء في بناء نظامنا الدستوري أو في إنشاء ترسانتنا التشريعية والقانونية أو في ممارستنا السياسية. كما استحضرنا الموجهات الكبرى التي دعا ويدعو إليها الاتحاد البرلماني الدولي في الممارسة الجيدة للعمل البرلماني، خصوصا على مستوى تجسير العلاقة بين البرلمان والمواطن. وقد تقدمنا أشواطا على مستوى تمكين المواطن من التتبع المباشر لأشغال البرلمان عن طريق التلفزيون والإذاعة والصحافة المكتوبة والأنترنيت، وأنشأنا برلمانا للطفل لتربية  الأجيال الصاعدة على الممارسة الديمقراطية. وفتحنا الفضاء الداخلي للبرلمان على الزيارات الاستطلاعية لأطفال وتلاميذ المدارس والجمعيات التربوية والثقافية وطلاب الجامعات، وسعينا إلى إدراج مواد عن البرلمان وآليات اشتغاله ودوره في إنتاج القوانين ومراقبة الحكومة وتقييم السياسات العمومية ضمن المقررات التعليمية والكتب المدرسية.
ومؤخرا فقط، أقدم مجلس النواب المغربي على اتخاذ مبادرتين جديدتين : تتمثل الأولى في إشراك مكونات مجتمعية، غير برلمانية وبحضور أساتذة وخبراء ومتخصصين وباحثين مهتمين، في يوم دراسي حول القانون الداخلي لمجلس النواب بالرغم من أن هذا القانون يخص أساسا تنظيم العمل الداخلي للمؤسسة النيابية. كما تتمثل المبادرة الأخرى التي تبناها البرلمان المغربي في إجراء حوار وطني واسع حول الإعلام والمجتمع شاركت فيه الأحزاب والنقابات والجمعيات المهنية والبرلمانيون والصحافيون والباحثون المختصون والأكاديميون، واستهدف بالأساس تشخيص مختلف مناحي الممارسة الإعلامية ووضعية حريات التعبير والصحافة وضمان ممارستها الديمقراطية، خصوصا فيما يرجع إلى التأطير والتوعية وصناعة الرأي العام، وكذا تعزيز البناء الديمقراطي.
وكل ذلك، حضرات السيدات والسادة، لتقوية صورة البرلمان، وترسيخ الثقافة الديمقراطية، وتحصين القيم والآليات الديمقراطية من مظاهر العزوف والتبرم والرفض،ولجعل العمل المؤسسي للبرلمان واضحا لدى المواطنين، قريبا منهم، مترجما ومعبرا عن نبض المجتمع. وسوف يظل هذا انشغالا دائما وموضوعا حيا في عملنا لا تستنفذ أغراضه، وذلك لأن الفكرة الديمقراطية في جوهرها، تولدت من عمق التفاعل مع الواقع المجتمعي، وستظل على الدوام خاضعة لسيرورته وتتغذى بمعطياته المرجعية والتاريخية والثقافية والاجتماعية والسياسية. ومن ثم إلحاحنا على أهمية أن نفكر –في إطار الاتحاد البرلماني الدولي – في استحضار وتمثل الأرشيف الديمقراطي والبرلماني الكوني لتبادل التجارب ولتشخيص وقراءة كتلة المعطيات والأفكار الديمقراطية التي توفرها الممارسات السياسية المعاصرة.

 

معاريف بريس

www.maarifpress.com

تعليقات الزوار
Loading...
footer ads

footer ads