صحيفة إلكترونية استقصائية ساخرة
after header mobile

after header mobile

ايران أخرت تقدم برنامجها النووي العسكري بـ 8 أشهر

خطاب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في الامم المتحدة والذي يفهم منه بان اسرائيل تخصص فترة زمنية أخرى (حتى ربيع أو صيف 2013) للمعالجة الدولية للبرنامج النووي الايراني، قبل أن تتخذ خطوات عسكرية بنفسها، اعتمد على معلومات جديدة يتضمنها التقرير الاخير للوكالة الدولية للطاقة الذرية في آب من هذا العام.
وحسب التقرير، فقد وجهت ايران قسما هاما من اليورانيوم المخصب الذي بحوزتها الى الاغراض العلمية ـ وهو تطور يؤخر وتيرة التقدم في برنامجها النووي. وقال رجال أمن كبار في اسرائيل لـ ‘هآرتس’ ان المعنى العملي لهذه المعلومات هو أن ‘ايران أزاحت الحائط الى الوراء، بثمانية اشهر تقريبا’، وأن آخر موقف لاسرائيل ينبع من هذه التطورات.
حتى وقت أخير مضى تحدث مسؤولون اسرائيليون كبار عن العام 2012 بانه ‘عام الحسم’ في مسألة ايران وشددوا على الخوف من الدخول القريب للمشروع النووي الى ‘مجال الحصانة’ الذي يكون فيه محصنا من ضربة إسرائيلية. وانطوت أقوالهم على الحاجة الى هجوم اسرائيلي ذاتي قبل نهاية السنة الحالية، حتى دون تنسيق مع الادارة الامريكية، بسبب تقدم ايران السريع.
ومع ان نتنياهو القى خطابا حازما في الامم المتحدة، الا أنه ازاح عمليا الموعد النهائي الاسرائيلي (‘الديد لاين’) الى السنة القادمة. ونبع هذا الموقف من اعتبارات عديدة، منها المعارضة المعلنة من جانب ادارة أوباما للهجوم قبل الانتخابات للرئاسة الامريكية في 6 تشرين الثاني وتحفظ كبار رجالات الجيش الاسرائيلي والموساد من القصف في التوقيت الحالي، الذي لا يكون منسقا مع الامريكيين.
ولكن في خلفية التغيير في السياسة كان عنصر حرج آخر حتى اليوم تم وضعه جانبا في التحليل الاسرائيلي لتقرير الوكالة الدولية. فالتقرير، الذي تولي له الاستخبارات الاسرائيلية مصداقية عالية للغاية، يقضي بانه في عدة مناسبات في الفترة الاخيرة خصصت ايران يورانيوم مخصب الى مستوى 20 في المائة، كان يمكنه أن يستخدم في المستقبل لانتاج قنبلة (بعد أن يخصب الى مستوى 93 في المائة) الى هدف آخر انتاج قضبان وقود لمفاعل البحث العلمي في طهران، والذي يمكن فيه انتاج ايزوتوبات لمعالجة السرطان.
من اللحظة التي خُصص فيه اليورانيوم للهدف العلمي، من الصعب إعادته الى الاستخدام في قناة انتاج القنبلة. وتدعي ايران منذ زمن بعيد بان تخصيب اليورانيوم الذي تجريه يرمي الى اغراض مدنية وبالاخص للاستخدام الطبي. ومع أنه في أوساط اجزاء واسعة من الاسرة الدولية لا توجد ثقة في هذا الادعاء ويوجد اجماع عميق بان ايران تسعى عمليا الى النووي العسكري، من الصعب تجاهل معنى الخطوة الايرانية الاخيرة. يبدو أن هذه محاولة لتخفيف الضغط الدولي على طهران من خلال تأجيل التقدم في البرنامج النووي.
بتقدير خبراء اكاديميين في الغرب، تحتاج ايران الى نحو 220 حتى 250 كغم من اليورانيوم المخصب على مستوى 20 في المائة كي تنتج في المستقبل قنبلة نووية واحدة. وتيرة تخصيب اليورانيوم في مستوى 20 في المائة تتراوح الان بين 12 و 15كغم في الشهر. ولكن مع أن ايران أنتجت حتى الان نحو 190كغم، قرابة 100 منها وجه الى المسار العلمي. في كل مرة تجتاز فيه ايران حافة الـ 130كغم، كانت توجه نحو 15 او 20 منها الى الاستخدام العلمي. وهذا تطور أجل بشكل جوهري التقدم الايراني وأدى ايضا الى تغيير ‘الديد لاين’ الاسرائيلي، مثلما وجد تعبيره في خطاب نتنياهو.
لو كان بقيت لدى ايران الكمية الاكبر، 190كغم، لكانت اليوم قريبة جدا من الخط الاحمر الذي رسمه رئيس الوزراء الاسرائيلي في خطابه ـ شوط 90 في المائة من التقدم نحو قدرة انتاج قنبلة نووية واحدة. في مثل هذه الحالة، كانت القيادة الاسرائيلية، في نظرها، ستكون قريبة من قرار العمل. وذلك لان ايران كانت ستقترب من الهامش الامني الذي تحتاجه أسرة الاستخبارات في تقديراتها، وعندها كان سيتعاظم التخوف من اقتحام ايراني مفاجيء الى حافة انتاج القنبلة.
وتتناول المعلومات الجديدة في تقرير الوكالة الدولية استخدام ايران لليورانيوم المخصب وليس جوانب اخرى في برنامجها النووي مثل مجرد تخصيب اليورانيوم وتطوير رأس متفجر نووي. وقررت تقارير الوكالة الاخيرة بان ايران تواصل انتاج اليورانيوم المخصب في ظل اخفاء المعلومات وخرق التعهدات للاسرة الدولية. اضافة الى ذلك برز اشتباه بان النشاط السري في ‘مجموعة السلاح’ انتاج وتركيب رأس متفجر نووي يقترب أكثر مما كان معروفا حتى الان.
وتبرر المعطيات الجديدة ظاهرا التأجيل في الجدول الزمني للعملية. وتندرج المعلومات الجديدة ضمن تقرير الوكالة الدولية الذي نشر في آب، ولكن حسب مصادر أمنية وصلت مؤخرا معلومات اضافية تؤكد استنتاجات الوكالة الدولية.
أمام ناظر القادة الاسرائيليين كان على ما يبدو اعتبار آخر. هذا الشهر تجري في المنطقة مناورتان كبريان: مناورة بحرية كبيرة للولايات المتحدة وحلفائها، هدفها المعلن هو التدرب على نزع الالغام في الخليج الفارسي ومناورة دفاع مشترك ضد الصواريخ تجريها الولايات المتحدة واسرائيل على الاراضي الاسرائيلية.
وباتت موجودة منذ الان القوة الطليعية الامريكية لغرض المناورة، وتسمى Austere Challenge 12. وفي اثناء تشرين الاول سيجمع الامريكيون قوة من نحو ألف ضابط وجندي، سيتدربون، الى جانب الجيش الاسرائيلي، على اكتشاف واعتراض الصواريخ والمقذوفات الصاروخية، تكون ايران هي المبادرة الاساسية فيها. في مثل هذه الظروف، يصعب على اسرائيل أن تعمل ذاتيا ضد مواقع النووي الايراني حتى نهاية الخريف. فلو هاجمت اسرائيل ايران فيما تتواجد القوة الامريكية هنا، لفسر الامر كمحاولة لتوريط الولايات المتحدة في مواجهة مع ايران، بعد أن أعلنت واشنطن علنا بانها لا ترغب في ذلك.
بالمقابل، لو حذرت اسرائيل واشنطن، لكانت القوات الامريكية ستغادر الاراضي الاسرائيلية فتقدم بذلك اخطارا مسبقا للايرانيين عن نوايا اسرائيل. وسيبقى الامريكيون هنا حتى موعد قريب من الانتخابات في الولايات المتحدة في تشرين الثاني.
وعليه، فان المناورتين ـ اضافة لموقف الادارة وللتفاصيل التي يتضمنها تقرير الوكالة الدولية ـ تؤثران على بلورة السياسة الاسرائيلية، تأجيل نافذة الفرص لعملية عسكرية على الاقل حتى أشهر ربيع 2013.

www.maarifpress.com

عاموس هرئيل
هآرتس
9/10/2012

تعليقات الزوار
Loading...
footer ads

footer ads