صحيفة إلكترونية استقصائية ساخرة
after header mobile

after header mobile

مراقبوا القواعد النووية في زيارة للمغرب

 

 في هدا السياق ،قام مؤخرا كبار المسؤولين المتخصصين في المجال النووي بزيارة للمغرب بشكل مفاجأ،فيما ربطتها مصادر بما جرى في زلزال طوكيو باليابان ،وما تسبب فيه الخطر النووي.

وحسب مصادر فان الوفد ظم الكورية نائبة رئيس المنظمة الدولية للطاقة النووية،وألمان ،وفرنسيين ،وأمريكيين ،واسرائيليين،واسبان،وقد قام هدا الوفد بزيارة لغابة معمورة،وعقدت اجتماعا رفيع المستوى حضره مسؤولون كبار بوزارة الداخلية ،ووزارة الطاقة والمعادن .ويبقى المغرب المحطة الاولى في برنامج كبير سطرته الوكالة .

 قد تكون اليابان، أكثر بلد يمتلك شبكة واسعة من علاقات الصداقة مع مختلف شعوب الأرض، وهي حاضرة على مدار الساعة أمامنا، في شوارعنا ومنازلنا وأماكن العمل، من خلال مختلف أنواع السيارات التي نركبها، والأجهزة الكهربائية والإلكترونية التي نستخدمها في منازلنا وأعمالنا، والمساعدات التي تقدمها للدول الفقيرة والنامية، وفي التاريخ الحديث تحتل اليابان مكانة خاصة واستثنائية في وجدان الإنسانية، إذ إنها البلد الوحيد، الذي تعرض لكارثة نووية، جراء القصف الأمريكي لمدينتي هيروشيما وناجازاكي،عام 1945، في نهاية الحرب العالمية الثانية، وهي جريمة أودت بحياة أكثر من 220 ألف إنسان، وأعداد كبيرة من المصابين بالحروق والصدمات النفسية والإشعاعات، إضافة إلى الأخطار الصحية الناتجة عن الإشعاعات النووية على المدى البعيد، فضلا عن الخسائر الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية الهائلة.

لكن الشعب الياباني فاجأ العالم، بتحقيق “معجزة” تحدي النتائج الرهيبة للكارثة، والنهوض من تحت الرماد، ولعل هذا البلد أكثر من تنطبق عليه “أسطورة طائر الفينيق” أو “العنقاء”، الذي يعيش حسب الأسطورة، نحو 500 سنة، ثم يحترق ويتحول إلى رماد، فتخرج يرقة صغيرة من بين بقاياه، وتزحف في دأب نحو أقرب بقعة ظليلية، وسرعان ما تتحول إلى طائر الفنيق التالي.. وهكذا”.

وها هو طائر الفينيق الياباني، يواجه مجددا كارثة طبيعية مروعة، هي الأخطر منذ كارثة الحرب العالمية الثانية، جراء الزلزال المدمر الذي ضرب شمال شرق اليابان، بقوة “8.9” درجة على مقياس ريخيتر يوم الجمعة 11 آذار (مارس) 2011، وما أعقبه من موجة المد البحري “تسونامي” الهائلة، التي ابتلعت كل ما كان أمامها من بشر وحجر، في مشاهد تثير الفزع، فكانت الخسائر البشرية نحو 20 ألف قتيل ومفقود، ومعاناة إنسانية لنحو 450 ألف شخص، يواجهون البرد والتشرد والمشكلات الصحية وانقطاع المياه والكهرباء في بعض مراكز اللاجئين التي تأويهم، إضافة إلى وقوع دمار هائل في المنازل والمصانع والمنشآت المدنية، والبنية التحتية، حيث يتوقع المحللون أن فاتورة التعافي من الكارثة، وإعادة إعمار ما دمره الزلزال، لن تقل عن 180 مليار دولار، أي ما يعادل 3 في المائة من إجمالي الناتج المحلي السنوي لليابان. وهو تحد جديد لإرادة الحياة والنهوض لدى هذا الشعب العملاق.

لو وقع زلزال بهذه القوة المُدمِّرة في بلد آخر، لربما مُسحت المناطق المتأثرة به من على وجه الأرض، ولكانت الخسائر البشرية والاقتصادية، أكثر فداحة بكثير مما أصاب اليابان، ذلك أن هذا البلد مهيأ للزلازل بحكم الطبيعة الجيولوجية، ويتربى شعبه منذ الصغر، على أن الزلازل جزء من حياته، ولذلك فإن منشآته وأبنيته السكنية، مصممة لمواجهة خطر الزلازل، وعلى سبيل المقارنة فقد ضرب زلزال هايتي بقوة 7 درجات على مقياس ريختر، في كانون الثاني (يناير) 2010، أي أقل من قوة زلزال اليابان بـ(9.2) درجة، ومع ذلك كانت خسائر هايتي مهولة، وتفوق ما أصاب اليابان أضعافا مضاعفة، حيث قدر الصليب الأحمر عدد القتلى والجرحى والمفقودين، بثلاثة ملايين شخص، إضافة إلى الدمار الهائل في بلد فقير جدا في الأصل، الأمر الذي تطلب تنظيم حملات إغاثة واسعة، شاركت فيها عشرات الدول ومنظمات دولية، أما اليابان فهو بلد يمتلك قدرات ضخمة مادية وتقنية وإرادة صلبة، تمكنه من مواجهة نتائج الزلزال، لكن ذلك لا يكفي، فثمة حاجة ملحة إلى التعبير عن التضامن الإنساني مع هذا الشعب، سواء عن طريق إرسال مساعدات ولو رمزية، والتعبير عن المشاعر الإنسانية بطرق مختلفة، كجزء من رد الجميل لهذا الشعب الطيب، الذي قدم للعالم نموذجا رائعا في القدرة على تضميد الجراح، والصمود والعطاء ومواجهة الصعاب والتقدم، وبناء شبكة علاقات صداقة سلمية ممتدة إلى مختلف أنحاء العالم، تقوم على الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين، والتعاون في ميادين الاقتصاد والعلوم والتكنولوجيا والتنمية، وهو شعب له دين في رقاب الكثير من شعوب العالم.

اليابان دولة كانت تشكل ثاني أكبر اقتصاد في العالم، بعد الولايات المتحدة، قبل أن تسبقها الصين في السنوات الأخيرة، رغم أن اليابان لا تمتلك موارد طبيعية، مثل النفط والغاز والمعادن، وتعتمد في احتياجاتها من الطاقة والمواد الأولية على الاستيراد من الخارج، لكنها تحولت بسرعة لافتة بعد الكارثة النووية، ومرارة الهزيمة في الحرب العالمية الثانية، إلى دولة صناعية من الدرجة الأولى، بالعلم والتخطيط السليم، ولولا توافر الإرادة والتصميم، لبقيت اليابان دولة فقيرة متخلفة، تتسول المساعدات من الخارج، ولذلك فهذا الشعب يحق له أن يفتخر بنفسه، ويقدم دروسا للشعوب الأخرى، في كيفية مواجهة التحديات والنهوض، وهو جدير بالاحترام والتقدير والصداقة، والاستفادة من تجربته الغنية. وبالفعل فإن خير اليابان يصل إلى مختلف أنحاء العالم، دون منة أو شروط سياسية.

فوكالة اليابان للتعاون الدولي “الجايكا”، تقدم وحدها مساعدات سنوية لدول نامية، تقدر بعشرة مليارات دولار. فيما تقدم وكالات مساعدات حكومية أخرى، معونات لتخفيف حدة الفقر في الدول النامية، إضافة إلى تمويل الكثير من مشاريع التنمية والبنية التحتية. كما تعد اليابان مساهما مهما في تقديم المساعدات للدول العربية، والدول الأكثر فقرا خاصة، مثل “اليمن، الأردن، فلسطين، والسودان”، وقد ارتفع حجم المساعدات، التي تقدمها إلى دول الشرق الأوسط من 7 في المائة، من إجمالي مساعداتها الخارجية عام 2000، إلى 32 في المائة عام 2008، كما تعد اليابان ثالث أكبر سوق للصادرات العربية، بعد الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وقد بلغت الصادرات ومعظمها من النفط والغاز، إلى اليابان نحو 136 مليار دولار عام 2009، من 36 مليار دولار في عام 2008، وقد لعب ارتفاع أسعار النفط، دورا بارزا في هذه القفزة الهائلة لحجم الصادرات، كما زادت الاستثمارات اليابانية في البلدان العربية من 1، 5 مليارات دولار عام 2005، إلى أربعة مليارات عام 2009.

إن أكبر التحديات التي تواجه اليابان بسبب الزلزال، خطر وقوع كارثة نووية جديدة، إثر الانفجارات التي وقعت بفعل الزلزال في محطة فوكوشيما النووية، قد تفوق كارثة حادث تشرنوبل، الذي وقع عام 1986 في أوكرانيا، عندما كانت جزءا من الاتحاد السوفياتي السابق، وقدر عدد الموتى جراء الحادث بـ”32″ ألفا، أما الخسائر المادية للدول الأكثر تأثرا بالكارثة “روسيا وأوكرانيا وروسيا البيضاء” فقد تتجاوز 300 مليار دولار بحلول عام 2015، إضافة إلى تأثير الإشعاعات في الصحة والبيئة، حيث قدر عدد المصابين بسرطان الغدة الدرقية، بسبب الإشعاعات، بـ”3.4″ مليون حالة في أوكرانيا وحدها.

ورغم أن التقنيين يسابقون الوقت لتبريد المفاعلات المتضررة، والسيطرة على المشكلة، لكن تبقى المخاوف قائمة، بأن تتجاوز الإشعاعات المتسربة، حدود اليابان إلى دول أخرى قريبة.

إن المشكلة النووية التي تواجهها اليابان، وهي دولة متقدمة تكنولوجيا، تطرح مجددا خطر الانتشار النووي، خاصة سعي دول أخرى، تقل كثيرا عن اليابان من حيث المستوى التقني، إلى دخول “النادي النووي”، وليس المقصود هنا امتلاك التكنولوجيا النووية لأغراض سلمية، وهو حق مشروع لكل الدول، وإنما التخطيط سرا لصنع الأسلحة النووية، ويهمنا في هذا الصدد، دولة عدوانية كإسرائيل، تنتهج سياسة “الغموض النووي”، وترفض التوقيع على معاهدة حظر الانتشار النووي، أو إخضاع منشآتها للرقابة الدولية، وتشير مختلف التقديرات إلى أنها تمتلك مئات الرؤوس النووية، أما في شرق العالم العربي، فهناك طموح إيران النووي، حيث تحيط الشكوك ببرنامجها النووي، وتتزايد مخاوف المجتمع الدولي من سعي طهران إلى امتلاك السلاح النووي، تعززها مماطلة النظام الإيراني في المفاوضات النووية، وعدم اعتماد استراتيجية نووية سلمية شفافة، ذلك أن امتلاك طهران أسلحة نووية في ظل نظام ينتهج سياسة العناد والتطرف، ودولة لها أطماع واضحة في المنطقة العربية، وتتدخل بشكل سافر في الشؤون الداخلية، لعديد من الدول العربية كالعراق والبحرين، وتحرض على التوتر الطائفي فيها. وحتى لو أسقطنا الجانب العسكري، للبرنامج النووي الإيراني، فإن خطر وقوع حادث ما في مفاعل بوشهر، جراء زلزال أو خطأ تقني، يبقى قائما ولا يقتصر تأثيره داخل إيران وحدها، بل إن كارثة محتملة كهذه، تنطوي على مخاطر فادحة للدول المجاورة، وبالذات المحيط العربي. والخطر نفسه وربما أكبر، يشكله مفاعل ديمونة الإسرائيلي، فيما إذا وقع حادث ما فيه، خاصة أن هذه الدولة العدوانية تتوسط العالم العربي، وحفرة الانهدام، حيث يقع المفاعل على أطرافها، تعد من المناطق المعرضة للزلازل، وعليه فإن الكارثة النووية المحتملة في اليابان تدق جرس الخطر، لكي يتنبه المجتمع الدولي، لاحتمالات وقوع أحداث نووية في دول أخرى، لا تمتلك وسائل السلامة النووية مثل إيران، خاصة أن عدد المفاعلات النووية، أصبح يزيد على 400 مفاعل في العالم. والأمر المهم بالنسبة لنا كعرب، أن تتكثف الجهود الدولية والإقليمية، لضمان خلو منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية.

 

تعليقات الزوار
Loading...
footer ads

footer ads