صحيفة إلكترونية استقصائية ساخرة
after header mobile

after header mobile

اوهام العروبة بدات تحتضر في بلادنا

ان امازيغي المغرب اليوم لم يعدون مجرد اناس بسطاء يعيشون من اجل ضمان الخبز اليومي كما هو الحال في عقود الخمسينات و الستينات و السبعينات الخ بل اصبحوا رقم صعب في موازين  القوى السياسية و الايديولوجية بالمغرب حيث في السابق كان بعضهم مجرد  ابواق للمخزن التقليدي بقصد او بدونه بغية ترسيخ الانتماء العروبي داخل منظومتنا السياسية و الدينية و التعليمية بينما اليوم من المفروض عليهم ان انخرطوا في مسارنا السياسي و الايديولوجي للحركة الامازيغية التي استطاعت طوال هذه العقود ان تحقق مكاسب جوهرية لصالح هويتنا الوطنية المتعددة من طبيعة الحال.

ان من الجدير و المفيد في هذا المقام التذكير بعض المعطيات حيث قلت في مقالي لشهر ابريل 2012  

لقد ظهر للعيان في هذه الفترة الاخيرة ان التيار العروبي في المغرب يتجه خطوات ثابتة  نحو الانهيار و السقوط من قمة الهرم بعد اكثر من 50 سنة من السيطرة و الاكاذيب لا نهاية لها.

ان المراد من هذه الاكاذيب هو  ترسيخ  احلام وهمية في عقول المغاربة مثل اقامة ما يسمى بالوطن العربي الواسع من المحيط الى الخليج دون أي احترام او اعتبار للتعدد الثقافي الذي يتميز بها هذه الرقعة الشاسعة من هذا العالم.

 و كذا  ترسيخ حلما في غاية الخطورة و السخافة الا و هو اقامة ما يسمى باتحاد المغرب العربي في سنة 1989 من القرن الماضي حيث كانت هذه الفكرة تأسست وفق معطيات ايديولوجية عنصرية لم تأخذ في يوم من الايام بعين الاعتبار وجود هوية اصيلة ساهمت بدور فعال في استقرار هذه المنطقة و الدفاع عن حدودها ضد أي تدخل اجنبي يريد فرض تصوراته السياسية و الهوياتية .

و لم تاخذ هذه المعطيات  الايديولوجية العنصرية بعين الاعتبار حضارة الامازيغيين الدينية عبر مساهماتهم  الضخمة في نشر الاسلام و ترسيخه في القلوب قبل العقول بينما اخذ التيار العروبي  في  هذه  الدول  يحاول منذ عقود من الزمان إيهام الجميع اننا عرب يرجع اصلنا المبارك الى شبه الجزيرة  العربية بدون أي اعتبار لمصادر التاريخ او اسماء مناطق المغرب الكبير الامازيغية من اكادير الى برقة الليبية..

 ان  العروبة في ذلك الوقت كانت تعيش في احلى ايامها و في اعز امجادها في  جغرافية دول المغرب الكبير بدعم قوي من دعاة الاسلام السياسي المتشبثين بمجموعة من التصورات الخرافية و البعيدة عن واقعنا المغاربي عامة..

و لنتذكر جميعا كيف استعمل سلاح الاسلام لسن سياسة التعريب الشامل لاجيال متعددة .

و لنتذكر  كيف تعامل نظام القذافي انطلاقا من فكره القومجي مع امازيغي ليبيا طيلة 42 سنة من القمع و مصادرة الحق في مجرد الحديث  بالامازيغية في الشارع العام و منع كل مظاهر الاعتزاز بهذه الهوية داخل ليبيا العهد السابق…

و في المغرب فالامر قد يختلف في بعض التفاصيل حيث بدا الوعي الامازيغي منذ سنة 1967 يشق طريقه الطويل و الشاق حينئذ بغرض احياء هويتنا الام و الاهتمام بتراثها الثقافي و الحضاري بينما نخبة الاستقلال اخذت تبني مشروعها المعادي لكل ما هو امازيغي  من خلال عدة اجراءات خبيثة من قبيل الاستغلال السياسي للدين الاسلامي بغية فرض التعريب القسري و الهوياتي للمغاربة من خلال غسيل دماغهم و افكارهم بغرض ادخالهم الى نادي العروبة  كعمق  افتراضي لا علاقة له بالواقع المغربي حيث  تم استعمال هذا العمق الافتراضي  لاجل مناهضة حقوق امازيغي شمال افريقيا عموما و حقوق امازيغي المغرب خصوصا منذ 1930 حيث استيقظ اهل فاس و الرباط و سلا فجأة من نومهم العميق تحت ظلال فرنسا  لمحاربة العرف الامازيغي لا غير فالجميع يعلم ان الحركة الوطنية لم تنطلق في مقاومة الاستعمار منذ 1912 بل فضلوا التمتع بعطايا الاستعمار الى حين بينما سجل الامازيغيين أورع صفحات المقاومة المغربية الخالدة     .

ان المتامل لمشهدنا السياسي الحالي سيجد فشل تدبير الخلافات داخل التحالف الحكومي بين حزب العدالة و التنمية و حزب الاستقلال المدافعان عن العروبة بالقوة طيلة تاريخهما السياسي مما يعني افلاس الايديولوجية العروبية و عجزها التام عن تحقيق تطلعات المغاربة الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية فاغلبيتهم يعيشون تحت خط الفقر المدقع بالبوادي البعيدة و مناطق المغرب العميق و تحت رحمة الفتاوى التكفيرية تجاه من يدعو الى استعمال مقاييس عصرنا لفهم تاريخنا الاسلامي الخ.

ان الربيع الديمقراطي لم يدعو قط الى الوحدة العربية من المحيط الى الخليج بل دعا الى الحرية و الى ترسيم الامازيغية كاحد مطالب حركة 20 فبراير المباركة حيث ان هذا المعطى لا يستطيع انكاره أي عاقل يفكر بالمنطق السليم لان امازيغي المغرب ادركوا منذ سنوات بان اوهام العروبة بدات تحتضر ببلادنا حيث قلت في  ذلك المقال المشار اعلاه في المغرب مازال بعضنا يصر  على ممارسة سياسة احتقار ذاتنا المغربية الاصيلة عبر تعزيز اواصر هذا الانتماء الخرافي الى العروبة و قضاياها عن طريق تنظيم مسيرة لنصرة قضية فلسطين تخليدا ليوم الارض حيث نحن مع حق الشعب الفلسطيني في اقامة دولته المستقلة من طبيعة الحال الا اننا نرفض ان تستغل هذه القضية الانسانية بالدرجة الاولى لاهداف تتوخى ارجاعنا الى نادي العروبة الفاشل اصلا.

 ان الخطير في هذا الامر  يتجلى في تصريح احدهم لوسائل الاعلام حيث قال ان القضية الفلسطينية تعتبر قضية وطنية بكل سهولة و بساطة  بدون أي استحضار لقضايانا الوطنية الحقيقية من قبيل قضية الصحراء المغربية و قضية الفقر الفاحش في بوادينا  و قضية معاقي البادية و قضية عزلة بعض المناطق عن العالم الخارجي خصوصا في فصل الشتاء نتيجة لرفع شعارات الشرق الاوسط العريضة طيلة هذه العقود الطويلة في ظل نفس الخطاب المتكرر على مسامعنا  حتى اصبح بعضنا يحتقر هوية بلاده الاصيلة و ينظر الى تاريخنا من خلال منظار المشارقة الايديولوجي..

و هنا يظهر سؤال كبير في حمولته الرمزية و الفكرية الا و هو متى نصبح مغاربة حقا في الفكر و الممارسة؟

و  لو كانت الامازيغية ذات شان كبير منذ 1956 داخل مؤسسات الدولة فاننا سنتجاوز الكثير من العراقيل و المشاكل التي توجهنا اليوم بعد الترسيم في مختلف مناحي الحياة العامة  و سنتجاوز الخطاب الديني المدافع عن  العروبة بشكل دائم..

و كما سنتجاوز نظرية القومية العربية لمنطقتنا المغاربية من ناحية الاسم حيث ان  المغرب اصبح ينتمي رسميا وفق هذا الدستور الحالي الى المغرب الكبير كمصطلح محايد يشمل كل الثقافات و الديانات السماوية بدون الاقصاء او تهميش مكون على حساب اخر حيث ان مصطلح المغرب الكبير هو من اقتراح الحركة الامازيغية التي لم تؤمن ابدا بالعرقية و لا بالعنصرية بل هي اول من طالبت بالتعدد الثقافي و اللغوي في زمن يمنع الكلام و قد يصل الامر الى حد القتل و الاختفاء القسري..

غير ان مصطلح المغرب العربي مازال متداولا في وسائل الاعلام الرسمية كاننا مازلنا نعيش في ظل دستور 1996 من خلال النشرات الاخبارية و الجوية  لجل قنواتنا التلفزيونية باستثاء القناة الامازيغية مشكورة لكن بعض مقدمي الاخبار على صعيد الاذاعة الامازيغية مازالوا يستعملون هذا المصطلح العنصري مثل الاستاذة الموقرة خديجة الادريسي التي هي زوجة الاستاذ الكبير عبد الله طالب علي الذي أكن له احترام  و تقدير كبيرين .

ان من المفروض اسقاط هذا المصطلح البالي و تعويضه بمصطلح المغرب الكبير الدستوري في الفضاء العام تحقيقا للمساواة  بين الثقافات و الديانات المتعايشة  على الصعيد المغاربي..

 و اما بقاء مصطلح المغرب العربي متداولا في الفضاء العام سيشكل تهديدا حقيقيا على استقرار المنطقة برمتها حيث ان نظام القذافي كان يساند حركات التمرد و الانفصال مثل جبهة البوليساور التي ترمي كما يعلم الجميع الى اقامة ما يسمى بالجمهورية العربية الصحراوية على ارض تامزغا كاسم حقيقي لهذه المنطقة المغاربية حيث لن يقبله أي عاقل عارف بتاريخ شمال افريقيا قبل الاسلام و بعده فكرة تاسيس هذا الكيان العروبي على صحرائنا الامازيغية المغربية..

و لمعلوماتكم لم يسبق للحركة الامازيغية ان دعت الى الانفصال على الاطلاق بل دعت الى الفدرالية او الحكم الذاتي قبل سنوات من ظهور مشروع الجهوية المتقدمة بمعنى ان اصحاب الايديولوجية العروبية هم في الحقيقة دعاة الانفصال و التفرقة الحقيقيين منذ سنة 1930 بوضع حد فاصل بين الاسلام و الامازيغية كصلب هويتنا الوطنية كما ورد في خطاب 9 مارس التاريخي ………..

و خلاصة القول ان العروبة لها وطن وحيد الا و هو الجزيرة العربية حيث نحترمها هناك بينما في المغرب فهو ارض امازيغية رحبت بالوافدين عليها منذ قرون غابرة بشرط احترامهم لمنطق التاريخ و الهوية الاصيلة ……

 

www.maarifpress.com

 

 

المهدي مالك

تعليقات الزوار
Loading...
footer ads

footer ads