صحيفة إلكترونية استقصائية ساخرة
after header mobile

after header mobile

العفو المخزني عن الجرائم في المغرب

                              كتبها احمد الدغرني

طرحت قضية العفو بالمغرب  للنقاش العمومي الواسع بمناسبة صدور العفو على رجل اسباني  يسمى دانييل متهم باغتصاب الأطفال،في 30يوليز  2013وينبغي في نظري أن لايقتصر الموضوع على قضية واحدة،بل أن يتسع إلى طرح موضوع العفو وفضائحه بصفة عامة  وتقديم  إصلاحات  اجتماعية وقانونية  بشأنه، يسبقها تقديم نقد ذاتي حول الوقت الضائع والمسؤولية عنه ،وذلك لأن العفو تم توظيفه السياسي بالمغرب منذ 16فبرايرسنة 1956بكيفية  تستحق أن تدرس كقضية سياسية وقانونية  وتاريخية كبرى بعناية واهتمام ،وذلك لأسباب نذكر أولها وهو أن قانون العفو كماصدرسنة1956 كان يقصد منه عدم متابعة الذين تعاونوا مع السلطات الاستعمارية الفرنسية والاسبانية، وعدم متابعة وزراء ومناصري السلطان محمد بن عرفة الذي تملك على المغرب بعد نفي محمد الخامس في20غشت سنة1953  والمتهمين بالخيانة بعد تشكيل حكومة مبارك البكاي ( 7دجنبر1955) ، وتغطية الفوضى  وخروج السجناء التي عرفتها السجون  والعدالة بصفة عامة أثناء فترة 1955- 1956وثانيا لأنها ترتبط  بسمسرة المعتقلين ،الذين يوضعون في السجون العلنية والسرية وتكون السلطات التي اعتقلتهم تبني الاعتقال ظاهريا على نصوص القانون ومحاكمات صورية ،ولكنها عمليا  إنما تغطي  دوافع سياسية أو دوافع رشاوى واستغلال النفوذ ،والأمثلة كثيرة في ملفات شهيرة من تاريخ المغرب مثل قضية وزارة البريد ،وقضية شراء الطائرات الفاسدة التي كانت من أسباب انقلاب 1971 ومن أواخرها العفو على قادة السلفيين وبعض متهمي جرائم الأموال واستغلال النفوذ  في السنوات الثلاثة الأخيرة ،وقول رئيس الحكومة بنكران عن جرائم الأموال واستغلال النفوذ “عفا الله عما سلف ” وقضية وزارة السكنى والتعمير…وثالثها لكون العفو كفكرة سياسية وقانونية منقول عن فرنسا واسبانيا مع تشويه  النقل من طرف المشرعين المخزنيين،الذين جعلوا العفو نوعا من صكوك الغفران بعد أن كان” العفو” عن الجرائم  والذنوب في الديانة والعرف الشعبي المغربي من اختصاص الله وحده ،وفي الجرائم والخصومات بين الناس ليس هناك عند الشعب سوى وسيلة الصلح  والتنازل بينهم ولادخل للسلطان فيه،ويطرح سؤال عريض مفاده لماذا صدر هذا الظهير بالضبط في سنة1956؟ وكان الاسم الرسمي للجنة العفو التي ينص عليها هو: “لجنة مراجعة الأحكام الجنائية والعفو” وحذف من نصوص الظهير كما وقع تعديله في8أكتوبر سنة1977 الجزء المتعلق ب”مراجعة الأحكام الجنائية”ولماذا يعرف المغرب نوعين من العفو؟: الأول هو العفو عن الجرائم ،والثاني هوا لعفو المتعلق بالضرائب التي يؤديها جزء من الشعب ويعفى منها جزء آخر، ومن أجل المساهمة الفكرية مع الشباب الذين لهم الفضل والشكر من رواد الصحافة الالكترونية بمبادرتهم بالدعوة إلى احتجاج  شعبي لأول مرة في تاريخ المغرب ضد مايسمى بالعفو، بتنظيم وقفات يوم2غشت2013 بمختلف المد ن، وواجهتها السلطات المخزنية بقسوة وعنف سالت معه الدماء التي لاتنسى،ونقدم قصد تنشيط الموضوع  وتسهيل مفاتيح البحث عبر الإنترنيت هذه المساهمة،ونشير إلى كون العفو في بعض اللغات الأخرى يسمى Amnesty أو Amnistieأ و”قانون المسامحة”Loi de pardon أو “قانون إلغاء العقوبة”Loi de remise de peine أو”قانون الإفلات من العقاب”loi d’impunité ومع ذلك لابد من الإشارة إلى أن الناس أصابتهم الغفلة  سابقا ولم ينهضوا ضد هذا القانون مبكراالابعدمرور57سنة على صدوره1956- 2013 وتطبيقه السئ، فلماذا كانت هذه الغفلة الطويلة؟ أسباب كثيرة ولكن أهمها هو أن النخب السياسية والشبكات المخزنية  ، والتي منها بعض من مارسوا المعارضة  واستفادوا من قانون العفو خلال سنوات القمع والاختطافات والنفي،وأن المخزن استفاد منه  بشراء ضمائر المعارضين بالمساومات حول العفو،فكثير من السجناء السياسيين والمنفيين الذين تحولوا إلى صفوف الولاء المخزني حصلوا على امتيازات ناتجة عن العفو، ولذلك لم تكن تلك النخب تنتقد قانون العفو ولا لوائحه الكثيرة التي تصدر كل سنة،ولم تدرجه ضمن مشاريع الإصلاح الدستوري والمطالب الإصلاحية المتعلقة بتغيير القوانين الجائرة بالمغرب ولم تدرج مسألة العفو ضمن برنامج دمقرطة البلاد،والأمثلة البارزة هي مقررات هيئة الإنصاف والمصالحة التي قادها بعض اليساريين وقدماء المعتقلين،ولجنة تعديل الدستورسنة2011 التي كرست العفو كحق دستوري مطلق للملك،ومذكرات الأحزاب السياسية  المخزنية ومقررات مؤتمراتها،ومطالب الجمعيات الحقوقية ..وكلها لم تتعرض لسلطة الملك في مادة العفو،ولا للجنة العفو،ولم يعرف السبب السياسي الذي جعل قانون العفو المخزني يتغير سنة 1977بكيفية لم ينتبه إليها هذا الشعب الذي قدم الدماء في سنة2013،لولا نباهة الشباب المسيس الجديد،الذي حرك ذاكرة المغاربة التي بدأت تستفيق من الغفلة،وتبعا لذلك نذكر شباب المغرب أن ظهير العفو الحالي صدر في 8أكتوبر1977يومين قبل تعيين المعطي بوعبيد  رئيس الاتحاد الدستوري وزيرا للعدل في 10أكتوبر 1977 خلفا لعباس القيسي وقبل دخول برلمان انتخابات3أكتوبر1977الىفتح الدورة التشريعية في أكتوبر من نفس العام ،وربما كان القصد السياسي من ذلك هو التمهيد لرفع شعار “إن الوطن غفور رحيم” قصد إفلات خونة قضية الصحراء العائدين من العقاب كما وقع سنة1956مع خونة عهد الحماية الفرنسية والاسبانية..وأخيرا فان الحل السياسي والقانوني ليس هو التركيز على قضية واحدة من قضايا العفو،بل النهوض ضد قانون العفو الحالي وإلغائه،ونزع الطبيعة المخزنية عن العفو،وجعله وسيلة لإصلاح أخطاء الأحكام القضائية عند الضرورة،ومحاسبة السلطات المكلفة بالعفو عن لوائح العفو التي مررتها في السنوات الفارطة لصالح المستفيدين من مافيات المال واستغلال النفوذ ومرتكبي  الانتهاكات لحقوق الإنسان.

 

www.maarifpress.com

تعليقات الزوار
Loading...
footer ads

footer ads