صحيفة إلكترونية استقصائية ساخرة
after header mobile

after header mobile

من يريد الموت فليتفضل مشكورا

كم هائل من الحملات الإعلانية تملأ أجهزتنا و شوارعنا  بشكل يومي،   لافتات و إعلانات هنا و هناك أينما ذهبنا مستشفيات، مدارس، إدارات… فتلك كتب عليها بخط أحمر وعريض” وياكم من الرشوة “، و تلك “التدخين مضر للصحة”  أما تلك الأخرى “السرعة تقتل ” و غيرها من الكتابات و التحذيرات اليومية التي لا تجدي نفعا في مجتمع لا يفهمها أصلا !

سنوات و هم يغيرون في الشعارات و الحملات رغبة في استجابة المواطن لها، فأحيانا يكتبونها بخطوط عريضة و بألوان قاتمة لعل المواطن أعمى! و أحايين أخرى يغيرون في تعبيرها لعله يكون مقنعا أحسن من سابقيه، وفي بعض المرات يحضرون مغنيا مشهورا لعله بكلماته الرقيقة و العذبة سيوصل النداء !

لا التعبير و لا اللون و لا حتى الفن أصبح مهما اليوم في مثل هذه الأمور.

استغرب عندما أمر بمستشفى و عبارة “وياكم من الرشوة” على بابه حتى الأعمى يستطيع أن يدركها،  و إذا بالطبيب يمد بيده نحوك كأنك في الشارع بين المتسولين و ليس المستشفى!

و أتألم عندما اقصد محلا و إذا بي أجد أشخاصا يقتنون علب التدخين واحدة تلو الأخرى،  مكتوب على غلافها ” التدخين مضر بالصحة” كأنهم لم يروا شيئا أو ربما لا يريدون أن يروا !

بأغلى الأثمنة يشترون شرابا، لماذا؟ لينسوا الهموم و الفقر و غيره من الأمور، كيف سيفعلون و قد صرفوا قوت يومهم في قنينة شراب لينسوا ما فعلوه، غريب حقا !

و عندما تركب حافلة فتسمع في مذياعها ” السرعة تقتل لنغير سلوكنا “و إذا بك تنظر إلى جهاز السرعة،  فتراه تجاوزها بمئات المرات!

برب السماء ماذا ستقول لهؤلاء و كيف ستتعامل معهم ؟

الحوادث الضحايا الأمراض،… تتزايد يوما بعد يوم، كأننا في عهد السيبة و العياذ بالله فنحن في القرن الواحد و العشرين!

كل و عذره،  ذاك يقول أسرع لأن وقتي ضيق، و ذاك أدخن لأنسى، أما الأخر فيقول إنها ليست رشوة بل مساعدة لا غير، غريب أمرهم!

فلو كان الشراب و التدخين حلا للمشاكل  لكان حلالا منذ البداية، و لو كانت السرعة حلا لضيق الوقت لما وجد جهاز قياسها داخل كل سيارة، و لتركت تسير هكذا لوحدها تماما كالحمير،  و لو كانت الرشوة مساعدة لما قال عنها عليه الصلاة و السلام ” لعن الله الراشي و المرتشي و ما بينهما “.

علينا أن نكون واقعيين و لو لمرة، الحوادث لم و لن تنتهي  حتى و لو ملئت الشوارع بالإعلانات و الإشعارات، سنظل دوما نسمع عن حادثة سير بسبب السرعة أو المخدرات، سنسمع عن حالة وفات أو جنون بسبب التدخين أو الشراب،  أما أيادي المرتشين فستظل ممدودة دوما شئنا أم أبينا.

 صحيح، أن الإعلام لا يزال يلعب دورا بسيطا في هذه الأيام في التحسيس، لكن يوما ما سيصبح دون فائدة  في مجتمع لا يعرف معنى الكلمات، وسيغدو مجرد تزيين للشوارع و البنايات هذا إن لم يصبح كذلك! فمشكلتنا ليست في السلوك لنغيره  و إنما هي في  عقولنا فهل لنا أن نغيرها؟ ليتنا نستطيع !

لذالك من سئم من حياته، و من هو  مستعجل على الموت فليتفضل مشكورا، أبوابها مفتوحة دائما،  فإليكم و إليكن هذه القواعد، لعلنا بالعكس سنفهم و سنعي!

ـ دخنوا و اسكروا ففيه منفعة للصحة !

أسرعوا و لا تترددوا فالوقت لا يكفيكم،  و الربح في انتظاركم! 

ـ ارشوا و ارتشوا فهي صدقة جارية و الصدقة بمئات الحسنات !

و القائمة طويلة، اتبعوها و ستموتن و بسرعة،  هيا يا مستعجلين و يا مستعجلات تفضلوا، لكن اذهبوا بأنانيتكم، خذوها معكم و لتكونوا أنانيين وانتم ذاهبون، اذهبوا وحدكم دون غيركم، فالناس ليسوا سواسية، و ليست لهم رغبة مثل رغبتكم،  فلا تأخذوهم رغما عنهم إلى حيت لا يريدون الذهاب، فما ذنبهم أولئك الضحايا؟

 

                                                                              حنان عيياش

www.maarifpress.com

تعليقات الزوار
Loading...
footer ads

footer ads