على غرار ما كانت تروج له جل القنوات المحلية المغربية ومجموعة من الأقلام وكذا الهيئات السياسية وذلك بأن المغرب يشكل حالة استثناء من باقي الدول العربية التي تشهد توترات داخلية سببها الأساسي البحث عن حياة أفضل اقتصاديا واجتماعيا وأيضا عن الكرامة المفقودة،فإن الواقع المعاش مغاير تماما ويعكس ما كان يروج له،وما يبرهن على كلامي تزايد وتكاثر الوقفات الاحتجاجية في جل أنحاء المملكة بشكل لم يسبق له مثيل،وكذا الإضرابات المتتالية والمتكررة لأهم القطاعات الحيوية بدءا بالعدل والصحة والتعليم والجماعات المحلية،فحتى الإعلام هو الآخر لم يسلم من موجة الاحتجاجات.بالإضافة إلى التزايد الكبير في نسبة المعطلين سواء من حاملي الشهادات او غيرهم والتي تقدر نسبهم وذلك على خلاف ما يتم التصريح به رسميا بمئات الآلاف إن لم نقل بالملايين.والذي يدل أيضا على الواقع المغاير والسيء الارتفاع المهول والصاروخي في الأسعار،والذي لم يجد من يوقفه سواء تعلق الأمر( بالمواد الغذائية أو التمدرس أو الألبسة أو السكن...)،وذلك كله في ظل تدني الأجور إن لم نقل انعدامها،وإذا كانت هناك بديرة للرفع من الأجور تتم لحساب الأطر ويتم نسيان الباقي.هذا بالإضافة إلى معاناة المواطن اليومية التي تلاحقه كلما لجأ إلى إدارة عمومية أو مستشفى عمومي.فكم من مواطن مريض يفضل الصبر على مرارة المرض بدل الذهاب للمستشفيات لكونه يفقد ثقته بها،وكم من شخص لم يشأ تغيير بطاقة تعريفه الوطنية لتفادي مهانة رجال الأمن له،والقصة طويلة،والتي ضحيتها بالدرجة الأولى هو المواطن البسيط الذي لا حول له ولا قوة.
إذن فما هذا إلى جرد بسيط لبعض الوقائع الموجودة والغير خافية على أحد والتي كما سبقت الإشارة إليه تعكس ما كان يروج له إعلاميا.بحيث يتعاملون معنا كأننا بلداء أو أننا عديمي الإحساس,وهذا كله لم يأتي من فراغ بل جاء نتيجة سياسات الحكومات المتعاقبة وتزكيه سياسة الحكومة الحالية التي تقوم بمعالجة الأوضاع المزرية والمحتقنة بالغضب الشعبي بتقديم مسكنات للآلام لا تشفي من الأمراض.
فكم يحز في نفسي عندما أشاهد وزراء الدول الغربية وكيفية تعاطيهم مع قضايا الناس وأقارنهم بوزرائنا الذين كأنهم لا يعرفون شيئا غير التسويف والوعود الكاذبة،وحتى إذا كانت هناك بديرة للإصلاح من جانبهم والقيام بدورهم المنوط بهم يكون جد بطيء ومتواضع ولا يرقى إلى تطلعات ورؤى فئات الشعب.وكم أتأسف عندما أرى وزيرة الصحة تقهقه داخل قبة البرلمان في حين المرضى من أولاد الشعب يموتون داخل المستشفيات نتيجة الإهمال ونقص في التجهيزات والخدمات الطبية.
وكم يزيد أسفي عندما أسمع أن الناخب الوطني يتقاضى 250 مليون سنتيم شهريا بالإضافة إلى الامتيازا ت ومعظم الشعب يعاني من الفقر والبطالة.والذي يزيد الطين بلة سياسة المهرجانات التي لا تنفع بقدر ما تضر والتي تتقل كاهل الدولة بالمصاريف والتي يروح ضحيتها كالعادة المواطن البسيط،كأن المغاربة كل شيء متوفر لهم لا ينقصهم سوى كماليات الكماليات من المرح والغناء.
في الحقيقة القائمة طويلة من الاختلالات التي تستدعي مراجعتها وإصلاحها،والتي لا تكفينا هذه السطور لسردها والتطرق إليها.
ومن هنا أتذكر جملة كان قد قالها لنا أستاذ جامعي أن المغرب جنة على الورق،فنحن لا تهمنا القوانين بقدر ما يهمنا تطبيقها،وذلك لبناء مغرب جديد مغرب الغد والمستقبل يرقى إلى تطلعات الشعب يصون كرامته ويحفظ حقه ويكون فيه الجميع سواء أمام القانون كما هو منصوص عليه في الدستور الحالي.
المرنيسي نورالدين
معاريف بريسwww.maarifpress.com