صحيفة إلكترونية استقصائية ساخرة
after header mobile

after header mobile

كويتي قاد “السي آي إي” دون قصد إلى عتبة بن لادن

اتصال واحد عوَّض سنوات من المطاردة الفاشلة

طوال سنوات، لم تؤد المطاردة الدؤوبة لاسامة بن لادن الى أي مكان، الى أن رفع أحد أقرب مساعدي أسامة بن لادن الهاتف العام الماضي، وقاد من غير أن يدري، المطاردين الاميركيين الى عتبة معلمه، المطلوب الاول حول العالم،
أنهى ذلك الاتصال الهاتفي سنوات من البحث عن الرسول الشخصي لبن لادن، في اختراق أساسي في المطاردة التي شملت أنحاء العالم، كذلك أوصل الرسول الاستخبارات الاميركية الى المجمع المسور في شمال شرق باكستان حيث قتل جنود من القوات الخاصة للبحرية الاميركية الخاصة “نيفي سيلز” بن لادن برصاصة في رأسه، بعد مواجهة بين الجانبين، وتوجت الدقائق الاخيرة العنيفة سنوات من العمل الاستخباري، وداخل فريق وكالة الاستخبارات المركزية “سي آي اي” الذي كان يطارد الزعيم المتشدد، كان واضحاً دائماً أن نقطة ضعف هذا الرجل تكمن في رسله، فهو كان أذكى من أن يسمح لمسلحي تنظيمه أو حتى قادته الكبار بمعرفة مكانه، ولكن اذا أراد  ايصال رسائل الى الخارج،  كان يتعين على أحد ما أن ينقلها، أحد يؤمنه على حياته،


بعيد هجمات 11 أيلول 2001، أبلغ معتقلون في سجون “السي اي اي” المحققين عن رسول مهم اسمه الحربي أبو أحمد الكويتي الذي كان مقرباً من بن لادن،وبعد اعتقال الرجل الثالث في “القاعدة” خالد شيخ محمد أكد معرفته بالكويتي، الا أنه نفى أية علاقة لهذا الرجل بـ”القاعدة”،وعام 2004، اعتقل القائد البارز في التنظيم الاصولي حسان غول في العراق، وأبلغ “السي آي إي” أن الكويتي كان رسولاً، وشخصاً أساسياً بالنسبة الى المنظمة الارهابية، وكشف خصوصاً أنه كان مقرباً من فرج الليبي الذي حل محل خالد شيخ محمد قائداً عملانياً لـ”القاعدة”، وهو ما شكل اختراقاً رئيسياً في مطاردة الرسول الشخصي لزعيم “القاعدة”، وأخيراً، اعتقل الليبي في أيار 2005، واقر لـ”السي آي إي” بأنه رقي ليخلف محمد، وأنه تسلم الرسالة عبر رسول، الا أنه أعطى اسماً له ونفى نفياً قاطعاً ومتعنتاً معرفته بالكويتي، وهو ما دفع الوكالة الى التأكد من أنه ومحمد يحميان الرسول، وعزز فكرة أن الكويتي مهم جداً بالنسبة الى “القاعدة”، وعندها، ساد اعتقاد أنهم إذا تمكنوا من معرفة الرجل المعروف بالكويتي، فسوف يصلون الى بن لادن،


واعتبر الاعلان أن المعلومات المستقاة مما يسمى المواقع السود لـ”السي آي إي” ساعدت في قتل بن لادن ، مثابة تبرئة لمسؤولين استخباريين كثر  استجوبوا وواجهوا انتقادات لتورطهم في  برنامج شمل اساليب الاستجواب الاكثر شناعة في تاريخ الولايات المتحدة، ولم يتطرق محمد الى الكويتي عندما واجه الاغراق الوهمي، ولم يقر الا بعد أشهر بأنه كان يعرفه، ومضت سنوات من العمل قبل أن تتمكن “السي آي إي” من تحديد الاسم الحقيقي للرسول، وهو شيخ أبو أحمد، الباكستاني المولود في الكويت، ولكن عندما عرفوا اسمه، لم يتمكنوا من العثور عليه، ولم تعرف مصادر “السي اي اي” مكان اختبائه، وكان يعرف عن بن لادن أنه يصر على عدم استخدام أية هواتف أو أجهزة كومبيوتر الى جانبه، لذلك لم يكن المتنصتون في وكالة الامن القومي يتمكنون من اقتفاء أثره.


لغز
وقال معتقلون إن أبو أحمد مسؤول ذو رتبة متوسطة ساعد أعضاء في “القاعدة” وعائلاتهم على ايجاد ملاذات آمنة، الا أن مكانه بقي لغزاً للمسؤولين الاستخباريين الاميركيين، الى درجة أن وثائق سجن غوانتانامو نقلت عن معتقل أن أبو أحمد جرح بينما كان هارباً من القوات الاميركية خلال غزو أفغانستان وتوفي لاحقاً بين ذراعيه،
ولكن بحلول منتصف العام الماضي، اتصل أبو أحمد بشخص تراقبه الاستخبارات الاميركية ،وقال مسؤول أميركي طلب عدم ذكر اسمه أنه تم تحديد مكان أحمد في مكان بعيد من بن لادن، الا أنه كان كافياً لمساعدة الاستخبارات على مراقبة هذا الرجل.


وفي آب 2010، قاد أحمد من غير أن يدري السلطات الى مجمع في أبوت أباد بشمال شرق باكستان حيث كان يعيش الليبي، كانت الجدران المحيطة بالمجمع بارتفاع يزيد عن خمسة أمتار وتعلوها أسلاك شائكة، ومع أن الاستخبارات كانت على علم بالمجمع منذ سنوات، فانها اشتبهت دائماً في أن بن لادن سيكون محاطاً بحراسة أمنية مشددة، ولم تكن في المجمع أية دورية.
والواقع ان احداً، لم يكن يأتي الى المجمع أو يغادره، ولم يكن فيه لا هاتف ولا أنترنت، وسرعان ما باتت “السي اي اي” ترجح أن الزعيم المتشدد يختبئ في مكان عادي، في مخبأ شيد خصوصاً لعدم لفت الانتباه، ولكن نظراً الى أن بن لادن لم يسافر قط، ولم يكن أحد قادراً على دخول المجمع من دون المرور ببوابتين أمنيتين، لم تكن ثمة طريقة للتحقق.
وعلى رغم تلك الشكوك، رأى مسؤولون استخباريون أن هذه قد تكون الفرصة الفضلى للوصول الى بن لادن، وقرروا عدم مشاطرة احد المعلومات التي توصلوا اليها،  بمن فيهم الحلفاء الاقرب في الارهاب المضاد مثل بريطانيا وكندا وأوستراليا.


خيارات محدودة
وبحلول منتصف شباط، اقتنع المسؤولون بأن”هدفاً قيماً” يختبئ في المجمع، وأراد الرئيس الاميركي باراك أوباما التحرك.
وقال مستشار الرئيس الاميركي للارهاب المضاد جون برينان :”كانوا واثقين، وثقتهم كانت تتزايد، هذا مختلف، هذه القضية الاستخبارية مختلفة، ما رأيناه في المجمع مختلف عن أي شيء رأيناه من قبل، كنت واثقاً من أن لدينا الاساس  للقيام بتحرك”.
وكانت الخيارات محدودة، اذ كان المجمع يقع في ضاحية سكنية ببلد ذي سيادة، واذا أمر أوباما بغارة ولم يكن بن لادن في المجمع، قد تحصل مشكلة ديبلوماسية كبيرة، وحتى اذا كان أوباما على حق، قد يجعل قصف المجمع تأكيد مقتل بن لادن مستحيلاً.
وقال برينان: “كان على الرئيس تقويم قوة تلك المعلومات، ثم اتخاذ ما أعتقد أنه أحد أكثر القرارات جرأة يتخذها أي رئيس في التاريخ الحديث”،وأبلغ شبكة “سي ان أن” الاميركية للتلفزيون أن المسؤولين أخذوا “قصاصات” المعلومات التي جمعت وحللت خلال فترة طويلة لجمع الخيوط التي يحتاجون اليها.
وكلف أوباما نحو 24 رجلاً من فريق “نيفي سيل” تنفيذ العملية بدقة عالية.


“جيرونيمو قتل”
وبينما كان مسؤولون في البيت الابيض و”السي آي إي” يتابعون العملية ، على الارجح عبر الاقمار الاصطناعية أو أجهزة فيديو حملها الجنود الاميركيون، اقتحم الفريق المجمع، وبفضل المراقبة الدقيقة عبر الاقمار الاصطناعية، عرفت القوات الاميركية أنها ستجد على الارجح عائلة بن لادن في الطبقتين الثانية والثالثة لاحد مباني المجمع،و لكن في البداية، تولى الفريق تأمين الاجزاء الاخرى من المجمع ثم انتقلوا الى الغرفة التي كان يختبئ فيها بن لادن، وقال برينان إنه حصل تبادل للنار،عندها قال أحد الجنود أن “جيرونيمو”، وهو الاسم الرمز الذي اختير لبن لادن، قتل في المعركة.


عينه اليسرى وجمجمته
وأوضح مسؤولون أن أبو أحمد وشقيقه قتلا، ثم قتل الجنود بن لادن برصاصة فوق عينه اليسرى مباشرة مفجرين جزءا من جمجمته.
وأمكن فوراً التعرف على بن لادن، الا أن واشنطن أجرت أيضاً اختباراً للحمض الريبي النووي “دي أن أي” الذي أكد هويته بنسبة 100 في المئة تقريباً،كذلك، ساهم تحليل “السي آي إي” صوراً وتأكيد امرأة كانت في المكان ويعتقد أنها زوجة لبن لادن، اضافة الى المواصفات الجسدية مثل طول بن لادن، في تأكيد هوية القتيل، وفي البيت الابيض، لم يكن ثمة مجال للشك.
وبعدما فتشت القوات الاميركية المجمع غادرته مع وثائق وأقراص مدمجة يمكن أن توفر معلومات استخبارية قيمة عن “القاعدة”، واستغرقت العملية كلها 40 دقيقة تقريباً.
من أبوت أباد، نقلت جثة بن لادن الى حاملة الطائرات “يو أس أس فينسون” في شمال بحر العرب، هناك غسلت وصلي عليها وفقا لاحكام الشريعة الاسلامية ودفنت في … البحر.


أب،”النيويورك تايمس” 

تعليقات الزوار
Loading...
footer ads

footer ads