صحيفة إلكترونية استقصائية ساخرة
after header mobile

after header mobile

“الكائن الغريب”

 

دققنا سلفا ناقوس الخطر و عاودنا الكرة مرات عديدة بشأن اختلالات و تجاوزات القيمين على ذلك “الكائن الغريب” الذي كان اسمه قيد حياته “المكتب المغربي لحقوق المؤلفين”، و الذي أصبح، في زمن “العفاريت و التماسييح”، “ديناصورا” يبتلع أموال الدولة و الشعب، يهضم أتاوى المبدعين و الفنانين و يفترس الحقوق المشروعة لأولي الألباب “المالكين الأصليين للحقوق”، و الذين منهم العلماء و الأدباء و الشعراء و الخطباء، و رجال و نساء الدين و الاعلام و الصحافة الورقية و الالكترونية، و االفنانون المصورون و الرسامون و النحاتون و السينمائيون، و مصمموا الأزياء، و المهندسون، و المنتجون و الناشرون، و المستثمرون كذلك، و غيرهم من المستفيدين “المبينة حقوقهم في الظهير الشريف”.
حيث ان كل الابداعات الفكرية الأصلية مشمولة بالحماية القانونية، بمقتضى القانون الوطني و الاتفاقيات المتعددة الأطراف و الثنائية.
فمن يتولى استغلال هذه الأعمال و يستفيد من ايراداتها ؟
وزير الاتصال يضرب عرض الحائط بالدستور و يقدم الدعم لـ”الديناصور”
صرحنا عدة مرات لوسائل الاعلام المتاحة أمامنا أن المشرع المغربي، منذ أمد غير قريب، لم يعد يعهد لوزير الاتصال بالوصاية على المكتب المغربي لحقوق المؤلفين، حيث ان مرسوم 8 مارس 1965 الذي “وضع المكتب المغربي لحقوق المؤلفين تحت وصاية الوزارة المكلفة بالأنباء”؛ و الذي “أطلق اسم المكتب المغربي لحقوق المؤلفين على المكتب الافريقي لحقوق المؤلفين و المكتب الافريقي لرجال الآداب و كتاب المحاضرات” قد تم الغاؤه جملة و تفصيلا بمقتضى ظهير شريف…
منذها لم يعد لوزير الاتصال الحق في اتخاذ أي اجراء أو قرار قانوني، اداري أو مالي…
فبأي حق نصب وزير الاتصال نفسه وصيا على المكتب المغربي لحقوق المؤلفين و ناطقا رسميا باسم المؤلفين ؟
و بأي حق يتولى السيد الوزير اختصاصات غير مخولة له شرعا ؟
و هل من قانون أو مرسوم يخوله الحق في التعيينات…و الانفاق من ميزانية الدولة على المكتب المغربي لحقوق المؤلفين و لجانه ؟
حيث ان “وزارة الخلفي تدعم مكتب حقوق المؤلفين بـ 17 مليون درهم”…؟؟؟
في حين ان دور مكاتب حقوق المؤلفين في العالم يتجلى في استخلاص الحقوق  (طبقا للقانون ) من مستغلي المصنفات، ليتم بعد ذلك توزيعها  (طبقا للقانون أيضا ) على ذوي الحقوق. و ذلك بعد خصم نسبة مئوية محددة كذلك بقانون أو مرسوم. حيث تتكون ميزانية ادارات التسيير الجماعي لحقوق المؤلفين من جميع الارادات التي تحققها في ممارسة صلاحياتها.
المكتب المغربي لحقوق المؤلفين: لا يحكمه قانون و لا ينظمه أو ينتظمه مرسوم
حيث ان المكتب المذكور لم يعد هو الآخر يتوفر على أي قانون تنظيمي أو “مرسوم تطبيقي يحدد اختصاصه و تنظيمه و تسييره”…
و كذلك، لم يعد له – طبعا – الحق في أن “يتولى الاختصاصات المخولة سابقا للمكتب الافريقي لحقوق المؤلفين المحدث بمقتضى الظهير الشريف الصادر عام 1943″، الملغى بمقتضى قانون 1970 الذي نص على احداث “هيأة المؤلفين المحدد اختصاصها و تنظيمها و تسييرها بموجب مرسوم”.
فأين “هيأة المؤلفين” المذكورة في الفصل 53 من قانون 1970 ؟ و أين مرسوم احداثها ؟
و أين “هيأة حقوق المؤلف و الحقوق المجاورة” الوارد ذكرها في المادة 60 من قانون 2000 ؟ و أين كذلك مرسوم احداثها ؟
المكتب المغربي لحقوق المؤلف: خارج الاطار الدستوري للمؤسسات العمومية
هذا و قد صرح وزير الاتصال السيد مصطفى الخلفي، من فرط جهله بالمبادئ الأولية لحقوق المؤلف، أنه “يفعل على أساس أن يصبح المكتب المغربي لحقوق المؤلف مؤسسة عمومية كالمكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية”.
و قد قلنا من جهتنا أكثر من مرة أن حقوق الملكية الصناعية شيئ، و حقوق المؤلف شيئ آخر. و أنه لا مجال للمقارنة بين المكتب المغربي لحقوق المؤلفين و بين غيره من المكاتب الوطنية أو المغربية الأخرى، التي هي أجهزة وضعتها الدولة، تخضع لوصاية الدولة؛ و تخضع كذلك لمراقبة الدولة المالية المطبقة على المؤسسات العمومية. تديرها مجالس ادارية و يسيرها موظفون وفقا للتشريع الجاري به العمل. و هي بذلك مؤسسات عمومية تحكمها قوانين و فصول و ضوابط، عكس ما هو عليه حال المكتب المغربي لحقوق المؤلف الذي ليس بجهاز حكومي، و لا يحكمه مرسوم تطبيقي أو قانون تنظيمي؛ و لا علاقة له اطلاقا بسلك الوظيفة العمومية أو بميزانية الدولة.
و من ثمة فلا مجال لوزير الاتصال للحديث عن “دسترة المكتب المغربي لحقوق المؤلفين”…الخارج أصلا عن الاطار الدستوري للمؤسسات العمومية.
المجلس الأعلى للحسابات: دعوة لفرض احترام القانون و أحكام الدستور
و امعانا في المزيد من التبليغ و التوضيح، أصدرنا مؤخرا كتابا في الموضوع تحت عنوان: “المكتب المغربي لحقوق المؤلفين: كائن غريب… خارج اطار الدستور و القوانين”.
و حيث لا يجب السكوت  (و نحن لم نسكت منذ 1971 ) عن الحق. كما لا يجب أن يكون علمنا في واد و عملنا في واد آخر، فقد وجهنا مقتطفات  (ملتمسا في الموضوع ) من عملنا المذكور للجهات المختصة، لابلاغها بوقوع جرائم أخطر بكثير من التجاوزات و الاختلالات المالية، لم يحن بعد وقت الافصاح عن تفاصيلها، تدخل ضمن اختصاصات المجلس الأعلى للحسابات و المجلس الدستوري…مما سبقت الاشارة اليه في بعض الصحف و المجلات الوطنية:
« Recours contre le BMDA – Un recours vient d’être déposé devant la Cour des comptes et le Conseil constitutionnel par un juriste, Abdessaid Cherkaoui, afin de contester le fondement juridique des missions du Bureau marocain des droits d’auteur  (BMDA )…Ce grief est désormais déplacé sur le terrain de la loi. »
“وأخيرا مجلس الحسابات يحل ضيفا على مصطفى الخلفي…”
و قد سرنا أن تلقى تصريحاتنا و كاتاباتنا آذانا صاغية، حيث بدأنا نسمع و نقرأ ” أن المجلس الأعلى للحسابات أوفد فريقا من القضاة لزيارة المكتب المغربي لحقوق المؤلف…في وقت يتساءل فيه الجميع هل سيتمكن مفتشو المجلس الأعلى للحسابات من فتح ملفات كل الاختلالات التي عرفها هذا المكتب في حاضره وماضيه” ؟
“ان الله يمهل و لا يهمل” و “ان غدا لناظره قريب”.

عبد السعيد الشرقاوي
خبير قضائي، وسيط و حكم دولي
معتمد في حقوق الملكية الفكرية الأدبية و العلمية و الفنية
عضو مركز الوساطة و التحكيم بالمنظمة العالمية للملكية الفكرية

 

www.maarifpress.com

 

تعليقات الزوار
Loading...
footer ads

footer ads