صحيفة إلكترونية استقصائية ساخرة
after header mobile

after header mobile

داعش تهدد استقرار الأردن ..فهل تفكر استراتيجيا من دون لو؟

إن الانطلاق السريع لقوات داعش الظلامية في العراق وسيطرة إخوتهم من جبهة النصرة على أجزاء من سوريا يفضي بكثير من المحللين في منطقتنا الى اعلام الاردن باعتباره الهدف التالي لمتطرفي الاسلام في الشرق الاوسط. ويذكر عدد منهم أيضا أن اسرائيل ستكون التالية. ولا حاجة الى التعمق في الكتابات اللاهوتية لهؤلاء البرابرة الجدد، بل يكفي أن نفهم المعنى الجغرافي السياسي للحروف الاولى من «داعش»: الدولة الاسلامية في العراق والشام. فالشام هي سوريا الكبرى ويتعلق ذلك بوجهة نظر الناظر أو بالفترة التاريخية التي استُعمل فيها المصطلح منذ عهد بني أمية الى أيامنا – وهي التي تشمل سوريا ولبنان والاردن واسرائيل في الحدود المعروفة اليوم.
إن الاردن دولة صديقة في ظاهر الامر، ولنا معها معاهدة سلام وهي تقاتل الارهاب وهي «جزيرة استقرار» في الانفجار في الشرق الاوسط. واذا كانت المملكة في خطر من قبل الاسلام المتطرف الذي هو عدونا ايضا – فما هو الشيء الأكثر طبيعية من أن نمد لها يد الدعم في وقت الازمة؟ ولما كان استمرار وجود العائلة المالكة الهاشمية مصلحة واضحة لصديقتنا الولايات المتحدة ايضا، فمن الواضح أن اسرائيل ستهب للمساعدة.
لكن ينبغي أن نتذكر قبل أن نهب عددا من الدروس التاريخية نميل الى نسيانها وقت الهستيريا. ينبغي أن نتذكر هباتنا التاريخية السابقة في محاولة للتدخل في اجراءات في داخل دول عربية. منذ أيام المساعدة الهادئة لكردستان الى المغامرة اللبنانية النازفة في حرب سلامة الجليل، ومنذ أيام قتل عبد الله الأول الى قتل أنور السادات ـ إن العناق الاسرائيلي قد يحكم على المعانقين بالموت. والمسارات «الطبيعية» في الدول العربية والاسلامية أقوى مما تستطيع اسرائيل أو تكون مستعدة لفعله، وأنا آمل أن يكون كبار اصدقاء العائلة المالكية الهاشمية في بلاط حكومة اسرائيل يقصدون فقط مساعدة استخبارية واستراتيجية ولوجستية – ولا يرون في خيالهم دبابات المركباة الاسرائيلية تنطلق نحو حدود الاردن والعراق وسوريا لتحمي عبد الله من قبائل «الهون» الجديدة.
ذات مرة – في ايلول الاسود في 1970 – أنقذت اسرائيل الملك حسين بانذار لسوريا بأنها اذا تدخلت في الحرب الأهلية في الاردن لصالح ياسر عرفات وفتح فستضطر الى مواجهتنا. وهزم الحسين عرفات وطرده الى لبنان، ومنذ ذلك الحين وكثيرون يلعبون بـ «لو». فلو تركت اسرائيل الفلسطينيين يستولون على الاردن أكان وضعنا اليوم أفضل أم اسوأ؟ وهل كنا سنواجه «جبهة شرقية» خطيرة أم نوجد في وضع فيه للفلسطينيين من وجهة نظر العالم دولة في الاردن وتضعف جدا مكانتهم باعتبارهم شعبا مسكينا «ذا حق في تقرير المصير»؟ إن ألعاب «لو» كهذه لا يمكن أن تفضي الى استنتاج قاطع لا لبس فيه. لكن لا يمكن أن نتهرب منها في كل مرة نتعلم فيها فصلا من التاريخ.
كان كل زعماء اسرائيل من اليمين واليسار حتى أواخر ثمانينيات القرن الماضي بصور مختلفة من التعبير، وكان بعضهم يفعل ذلك بصورة صريحة تماما، كانوا يرون أن الاردن هي دولة الشعب الفلسطيني؛ من مناحيم بيغن الى اسحق رابين، ومن اريئيل شارون الى موشيه ديان ويغئال ألون. وقال الملك حسين ايضا للصحيفة العربية «الحياة» التي تصدر في لندن (في 26 كانون الاول 1982) إن «الاردن هو فلسطين وفلسطين هي الاردن، وكل من يقول غير ذلك فهو خائن»، لا أقل من ذلك. وأصبحت تلك التصريحات غير شرعية مع التوقيع فقط على اتفاق السلام مع الاردن. وفي كل مرة كنت أقول فيها ذلك في الكنيست كان سفير اسرائيل في الاردن يُستدعى الى حديث توبيخ. ولا يدور الحديث هذه المرة عن كلام، فالبرابرة آتون الآن.
لا شك في أنه اذا سيطر الاسلام السني المتطرف على الاردن فستصبح حدودنا الطويلة الهادئة معها حدودا دامية. ولا شك في أن ولادة «الجبهة الشرقية» المضادة لنا مرة اخرى ستكون تهديدا. لكن البديل وهو استمرار الضغط الدولي من الخارج وضغوط المستسلمين في الداخل، للاعتراف بانشاء دولة فلسطينية في اراضي يهودا والسامرة وغزة، أخطر من ذلك. وهذه مسألة جغرافيا، ومسألة حق في وطننا، ومسألة أمنية ومسألة اقتصادية ايضا. والأحمق الذي يعتقد أن دولة فلسطينية كهذه ستكون أكثر ثباتا في وجه احتلالات الاسلام من سوريا أو العراق أو الاردن هو ساذج أو يدعي السذاجة. فقد أصبح للقاعدة اليوم عدد من الخلايا الفاعلة في غزة ويهودا والسامرة يفوق عددها في الاردن. والذي يخشى دولة القاعدة في الاردن يجب أن يخشى أكثر بأضعاف دولة كهذه في يهودا والسامرة.
وعلى ذلك لا ينبغي لنا أن نحاول إنقاذ الملك عبد الله اذا أغرقته عصابات داعش المسلحة. وسيكون مآل خلافة داعش الانتقاض وأن تتحول الى كيانات عرقية قبلية.
وتحتاج اسرائيل الى عنصر جديد في معادلة الانتحار التي هي «دولتان للشعبين غربي الاردن». يجب عليها أن تستبدلها بالمعادلة الجديدة وهي: «دولتان للشعبين في ضفتي الاردن».

معاريف بريس

www.maarifpress.com

عن

آريه إلداد
هآرتس 7/7/2014

صحف عبرية

تعليقات الزوار
Loading...
footer ads

footer ads