لقد سبق لنا في لقاء 17 ماي 2014 كحركة تصحيحية بالكونفدرالية الديمقراطية للشغل ان تعرضنا للازمة التي تعاني منها منظمتنا والانحباس النقابي الذي وصلت اليه وما ترتب عنه من انحراف عن الخط الذي رسمه الرواد المِؤسسون سنة 1978.
وفي اللقاء الثاني التشاوري الذي انعقد يوم فاتح يونيو 2014 بالرباط تعرض الاخ مصطفى الشطاطبي احد مؤسسي حركة 17 ماي الى اسباب نزول الاجتماع المذكور حيث اكد من جديد على ان النقابة امام انحباس كبير، حيث اعتبر ان كل المناضلات والمناضلين الكونفدراليين معنيين بتحطيم هذا الانحباس النقابي، وفتح افاق جديدة للنضال والدفاع عن حقوق الشغيلة والمساهمة في تعزيز الديمقراطية التي تظل المطلب الاساسي والرئيسى لكل المغاربة.
وفي هذا السياق تطرق الاخ الشطاطبي الى المسالك الممكنة للخروج من هذا الانحباس وحددها في خمسة عناصر :
- العنصر الاول : ازمة الديمقراطية الداخلية
لايمكن الخروج من الانحباس، الا اذا توفرت الارادة الجماعية لدينا يضيف الاخ الشطاطبي لاعادة بناء الكدش على الاسس الاولى التي قامت عليها انتفاضة الطبقة العاملة في اواخر السبعينيات من القرن الماضي في مواجهة البيروقراطية النقابية المتمثلة وقتئذ في الاتحاد المغربي للشغل.
ومن المؤسف ان القيادة الحالية خانت هذه الاسس وخذلت المناضلين، حينما عقدت مؤتمرها الاخير خارج الضوابط الديمقراطية، وفي انحراف عن المسار الذي رسمته انتفاضات الربيع العربي الديمقراطي الذي اسقط الاستبداد والفساد واعلن ان "لاقــائـد ابـدي".
وسيكون من باب الازدواجية والكيل بمكيالين "يقول الاخ مصطفى" ان نخرج في حركة 20 فبراير للاعلان عن الكرامة والتصدي للاستبداد وان نقبلها في صفوفنا، حيث نفتقد للكرامة والاحترام في اطاراتنا النقابية المستبدة.
- العنصر الثاني : الحكامة :
ونقصد بها ضمان الشفافية وحسن التدبير المالي وإخضاع الجميع للمسائلة بدون استثناء والعمل وفق منهج التشارك.
ان هذه العناصر التي تعطي البعد الديمقراطي لاية مؤسسة او تنظيم غائبة عن حياتنا النقابية في كدش. بل تصبح تلك المبادئ المعلنة : "التقدمية والديمقراطية والاستقلالية والجماهيرية" مجرد كليشيهات للاستهلاك.
ان اسلوب الاقطاع اوالتدبير الاقطاعي هو السائد، يغديه الريع النقابي.وحينما نناضل من اجل مجتمع قائم على المواطنة، يتم تحويل المناضلين النقابيين الى مجرد اتباع وموردين، يصفقون للشيخ القائد ويتبعون هواه ولا يشاركونه في اتخاذ القرار.
- العنصر الثالت : الانحباس :
يظهر ايضا في عدم وضوح العلاقة بين الدولة والنقابة ويتجلى ذلك في :
- تدبدب المواقف وتناقضها وتعارضها مع المبادئ التي تاسست عليها النقابة واحسن مثال على ذلك التعامل اللاعقلاني مع المؤسسات التمثيلية فمن الدخول الى مجلس النواب وتشكيل فريق كونفدرالي الى تفكيك هذا الفريق والانسحاب من هذا المجلس بدون مبرر منطقي نقابيا وسياسيا، الا اذا كان الامر يتعلق باوهام القائد الزعيم، الذي يلتقط الاشارات كلما اقبل على اتخاذ قرار منفرد.
- العنصر الرابع : التحالفات :
يقول الاخ الشطاطبي في هذا الاطار ان النقابة لا يوجد لها خط واضح الاهداف ولا اية استراتيجية في بناء تحالفاتها وقد يتم التنسيق اليوم مع هذا الاطار اوذاك. وفي اليوم الثالي يمكن ان يتحول حلفاء الامس الى اعداء، بل ان الامر يتعدى هذا حينما يضرب القائد عرض الحائط بتحالفات مؤسساتية ويختار من يواهيه من ذلك الحزب او تلك النقابة وبعبارة اوضح فان التحالفات تبنى حسب مزاج القائد وحساباته الغامضة، ففي كثير من الأحيان تتخذ مواقف يطبعها انعطاف 180 درجة.
- العنصر الخامس : قيادة نقابية لاصلة لها بالقطاعات :
فمعظم اعضاء المكتب التنفيذي للكدش متقاعدون وهكذا عوض ان يدبر الشان النقابي من طرف الماجورين الذين يمارسون مهامهم في القطاع العام والشبه العام والخاص، اصبحت النقابة عبارة عن ودادية للمتقاعدين يتهافتون على الريع النقابي. هذا الواقع المرير جعل الكدش تشتغل بدون اطار زمني للقيادة فالقائد يظل قائدا مدى الحياة، لأنه "القائد الضرورة".
امام هذا الانحباس وما ينتج عنه من تحديات، تواجه المناضلين الشرفاء في الكدش يطرح الاخ الشطا طبى سؤال عريض : مــا الـعــمـل؟
- نعم نحن نشكل حركة تصحيحية داخل الكدش.
- نعم نحن ضمير حي داخل النقابة.
وهذا الاختيار يقول الشطاطبي يضع على عاتقنا مسؤوليات اخلاقية ونضالية، تملي علينا ألا نقف عند حدود التشكي والنقد، بل تملي علينا ان نتحمل بكل جرأة وشجاعة عبئ معركة اعادة بناء نقابتنا نهجا ورؤية واهدافا وسلوكا، وفاء للتاريخ والمؤسسين الرواد امثال الشهيد عمر بن جلون والمرحومين البوزيدي وعبد الله المستغفر وجميع شهداء نضالات الحركة النقابية.
ان الجميع ينتظر منا نحن الذين نقف في طليعة المعركة التصحيحية للكدش ان نصون هذا الإرث النقابي الكبير وان نجدده ونطوره ونحميه من المتسللين الانتهازيين بما يفتح الآمال لكافة عموم جماهير شعبنا وعلى راسهم الطبقة العاملة في مغرب افضل.
اننا امام مسؤولية تاريخية يقول الشطاطبي فإما ان نكون او لا نكون ولكن بإصرارنا على تغيير هذا الواقع النقابي الفاسد الذي تدبره قيادة نقابية لاتنتمي الى الحاضر ولا الى المستقبل. سنكون مع تيار التاريخ الجارف الذي تتهاوى امامه كل الطواغيت.
فمسؤوليتنا جماعية ولكن كل واحد منا يتحمل مسؤولية خاصة، لاوقت للانتظار او التردد ، انها معركة من اجل تحرير الطبقة العاملة من قيود البيروقراطية المقيتة والنزعة الاقطاعية المتخلفة ، واكثر من هذا وذاك فهي معركة من اجل ان يتمتع الشعب المغربي بالكرامة والعدالة في ظل هذا الحراك الشعبي الكبير الذي يجب ان يكتسح كل هذه الاطارات سياسية كانت ام نقابية ، الجامدة والمترهلة والفاسدة والمتواطئة....
www.maarifpress.com