صحيفة إلكترونية استقصائية ساخرة
after header mobile

after header mobile

“دستور2011: عندما يلبس التغيير جبة الاستمرارية”

*  تمهيد:

         مما لا شك فيه أنه منذ خطاب الملك في 9 مارس الماضي، والذي تحدث فيه عن تعديل دستوري يطال بعض مقتضيات وبنود دستور 1996 الذي عمر لمدة  تناهز عقدا  ونصف من الزمن، صار منذئذ جميع المهتمين والفاعلين والمتتبعين يترقبون نص المشروع النهائي الذي سيفرزه عمل اللجنة الاستشارية لمراجعة الدستور التي عينها الملك لهذه الغاية..وفعلا، فقد جاء خطاب الملك الأخير ليوم الجمعة 17 يونيو ليشكل مناسبة التعرف على الملامح العامة والخطوط العريضة لدستور2011..

       ولعل الانطباع العام الذي سيتولد لدى أغلب الديمقراطيين هو أن المشروع الحالي لم يستجب منهجا ومضمونا إلى كل التطلعات ولم يصل إلى مستوى كل الإنتظارات الحقوقية والديمقراطية، مثلما لم يرق إلى درجة التقاط كل نبض الشارع الذي شكلت حركة 20 فبراير إحدى تعبيراته الحيوية الهامة، فضلا عن أنه أتى دون حجم طموحات ومطالب عدة قوى حقوقية وديمقراطية وازنة وفاعلة في المجتمع سواء منها التي ظلت تطالب بإرساء أسس دستور شعبي ديمقراطي مبنى ومعنى، أو التي ما فتئت تطمح إلى التأسيس لنظام سياسي قوامه وعماده”الملكية برلمانية هنا والآن”..

       وقبل الحديث عن بعض الملاحظات والانطباعات الأولية – حول المنهجية وشكل ومضمون النص- والتي تعضد هذا الموقف العام من المشروع الدستوري ككل، نشير إلى أن تركيزنا على الثغرات والنواقص ومواطن القصور ليس البتة موقفا عدميا أو رغبة ذاتية في تقمص أدوار الرفض والممانعة، ولكن دقة المرحلة– في اعتقادي المتواضع- تحتاج أكثر لمن يصدح بحقيقة الأشياء كما هي، ولمن يرصد خبايا النصف الفارغ من الكأس أيضا، مادام التهليل للإيجابيات و”القفزات النوعية” في الدستور والديمقراطية يجد عادة من يتولاه من إعلام رسمي وغيره من فلول جوقة التطبيل والتصفيق والإشادة والمدح المبالغ فيه للنص حتى وهو يتلى شفويا على المسامع والآذان قبل أن يصير في وقت لاحق وثيقة مكتوبة بين أيدي الجميع..

  • ·                              من حيث  منهجية إعداد الدستور و شكله:

ü            الملاحظة الأولى التي  يمكن تسجيلها ، قبل الخوض في أي مضمون، هو أن المنهجية التي اتبعت في صياغة هذا الدستور لم تكن ديمقراطية البثة، بحيث حكمها منطق التعيين “الفوقي” من لدن الملك سواء لأعضاء اللجنة الاستشارية لمراجعة الدستور، أو من حيث رئاسة الآلية السياسية  للمتابعة التي أنيطت بمستشار ملكي مما جعل كل مراحل المراجعة وكافة تفاصيلها المواكبة واللاحقة منحصرة ومحتكرة ضمن الدائرة الضيقة للمؤسسة الملكية دون غيرها من المؤسسات والسلط..

ü            الملاحظة الثانية في نفس السياق هي أن اللجنة المعينة لمراجعة الدستور لا تستوعب في تركيبتها كل الحساسيات والتعبيرات المجتمعية والشخصيات القانونية والحقوقية المشهود لها بالكفاءة والخبرة والاستقلالية والتجرد، وكذا الأكاديميين والخبراء من مدارس فقهية دستورية مختلفة؛ حيث اقتصرت التمثيلية داخل اللجنة من بين صفوف هاته الفئة الأخيرة على من هم محسوبون على مدرسة فكرية دستورية واحدة تميل نحو التقليدانية وتغليب منطق المحافظة والاستمرارية على روح التغيير ومسايرة التشريع الدستوري المعاصر بكل مقوماته..

ü   الملاحظة الثالثة هي أن الخطاب الملكي ل 9 مارس – والذي جاء بفعل تأثير ضغط الحراك الجماعي  والتظاهرات الأولى لشباب حركة 20 فبراير -كان قد وضع سبعة مرتكزات لمضمون التعديلات على الدستور، وسجلت على إثره تخوفات مشروعة ومبررة بأنها قد تكون توجيها للجنة بأن لا تتجاوز سقف تلك المرتكزات أو بأن تجتهد إلى حدود أكبر منها، وهو الأمر الذي يفسره ويعضده عدم تضمن الخطاب المذكور لأية إشارة أو تلميح إلى وضعية أو مآل الأبواب والفصول المتعلقة بالمؤسسة الملكية في خضم الإصلاح المعلن عنه.. وبالتالي فهذه التخوفات زكتها في نهاية المطاف الصيغة النهائية للمشروع المعروض حاليا الذي لا يرقى إلى كل التطلعات والإنتظارات وسقف المطالب الشعبية ومن ضمنها مطالب حركة 20 فبراير، فتم إنتاج نص دستوري في آخر المطاف هو عبارة عن عرض مفصل على مقاس المرتكزات السبع ليس إلا…

ü  الملاحظة العامة التي يمكن أن يعطيها كل قارئ موضوعي لنظام الحكم وطبيعته في هذا المشروع، هو أنه يحمل في طياته خليطا هجينا من أنماط الحكم، فهو يدمج في نمط واحد وفي جملة وفقرة واحدة نظام الملكية الدستورية الديمقراطية والاجتماعية مع نظام الملكية البرلمانية الذي يعتبر نظاما سياسيا متفردا بذاته وله مقوماته الخاصة ومعايير الانخراط  ضمن دائرته..

ü           الملاحظة العامة الإضافية في الشكل في علاقته بالمضمون أيضا، هو أن ما قدم لنا الآن على أنه تقدم طفيف في بعض البنود والمقتضيات سواء في حقل الحريات والحقوق أو فصل السلط…إلخ، تجعلنا نصف طبيعة النظام السياسي الذي يقدمه لنا هذا العرض السياسي الذي بين أيدينا وكعنوان كبير وأولي له بأننا أمام نظام حكم أكثر بقليل جدا من نظام الملكية التنفيذية وأقل بكثير جدا من نظام الملكية البرلمانية كما هي متعارف عليها عالميا في الديمقراطيات البرلمانية العريقة..

ü           الملاحظة الأخيرة في الهندسة الشكلية لأبواب وفصول الدستور هو أنه جاء مكثفا من حيث كم الفصول وجاء مغرقا أحيانا في التفاصيل والمساطر والشكليات التي قد يكون مناسبا جدا تركها للقوانين التنظيمية أو الخاصة، حتى أنك تكاد لا تخال نفسك أمام دستور يضع الخطوط العريضة والمبادئ  العامة للدولة والمحاور الكبرى لكل السلط والمؤسسات، ولكن أمام قوانين خاصة متفرقة في مضامينها ومجتمعة في وثيقة واحدة..وفي اعتقادي، فإن هذا التكثيف الكمي غير مبرر وغير ذي فائدة، وليس من المستبعد أن المشرع الدستوري قد يكون قصد ذلك لرغبة كامنة منه في جعل النص الدستوري مفتقدا للسلاسة وسهولة الإدراك والاستيعاب لفصوله، قصد إلباس هذه الأخيرة هالة من التعقيد والصعوبة الشديدين اللذين يجعلانها في غير متناول فهم العامة وكل المواطنين والناخبين الذين قد يجدون أنفسهم دائما أو أحيانا تحت رحمة اللجوء إلى المشرع الدستوري نفسه للشرح والتأويل، أو إلى استشارة الفقه الدستوري الرسمي أو الاستعانة بذوي الخبرة في فك رموز التقنيات القانونية والمساطر الشكلية التي تعرف بها عادة كل القوانين الخاصة مقارنة مع نصوص الدساتير المعدة بمثابة القوانين الأسمى في الدول والمجتمعات..وبالتالي فالتفصيل والجانب الكمي في المشروع لا يمكن عده نقطة حسنة على أية حال..  

       من حيث المضمون:

    ü        أولا: كما قلت في فقرة سابقة ثمة خلط ودمج خاطئ وفي غير موقعه لنظامي حكم مختلفين..(الملكية الدستورية ثم الملكية البرلمانية)، في نوع مما يمكن أن نصفه ب”المناورة اللفظية” غير البريئة لتمويه العامة والمواطنين والناخبين بأن مطلب الملكية البرلمانية قد تم تضمينه في الدستور..لكن ما يلبث المشرع الدستوري بأن يعود إلى طبيعته الحقيقية بأن تحدث فقط في الفقرة الثالثة من الفصل الأول والمتعلقة بالثوابت عن “الملكية الدستورية” حصريا دون ذكر باقي صفات نظام الملكية كما وردت في الفقرة الأولى..وهذه”مناورة لفظية” جديدة أيضا تحتمل أكثر من قراءة أو تأويل..

             ثانيا: وردت الأمازيغية كلغة رسمية في فقرة لاحقة ومستقلة عن الفقرة السابقة التي انفردت بها اللغة العربية وتم استعمال فعل” تظل” في بداية هذه الفقرة والتي تفيد الاستمرارية وعدم القطيعة التامة مع المرحلة السابقة، واللازم في اعتقادي أنه كان أحرى أن يردا معا في فقرة واحدة جنبا إلى جانب واستعمال عبارة “إلى جانب” لإعطاء دسترة الأمازيغية زخما ومعنى ومصداقية أكبر..

              ثالثا: استبعاد التنصيص على صفة “الدولة المدنية” وعدم الاستجابة للتنصيص على “حرية المعتقد” كما تكفلها المواثيق الدولية..والاكتفاء فقط بصيغ محافظة تحيل إلى الاستمرارية ولا تنحو إلى التغيير والقطيعة مع نظام الخضوع والولاءات السائد إلى حد الآن..مع أنه كان الأمر يقتضي نوعا من الحزم والجرأة وعدم الإذعان لضغوط القوى والجهات المحافظة في هذا الموقع أو ذاك كلما أثير أو رفع المطلب القاضي بمدنية الدولة وضمان حرية الاعتقاد..

             رابعا: لم يتم تخصيص مبدأ سمو المواثيق والاتفاقيات الدولية على التشريع الوطني بفقرة صريحة خاصة ومتفردة، مثلما لم ترد هكذا على سبيل الإطلاق دونما تقييد وإعطائها مكانة خاصة- كما كانت تطالب بذلك القوى الديمقراطية والحقوقية- بل تم إيرادها فقط في تصدير الدستور، وتم رهن هذا السمو بتدابير وشكليات المصادقة المسبقة مع رهنه أيضا بالهوية الوطنية وبأحكام الدستور وبالقوانين الوطنية..!!

    ü          خامسا: الالتفاف على المطلب الحقوقي والديمقراطي حول المساواة بين الجنسين ومكانة المرأة في المجتمع، وجاء الفصل المرقم في الدستور الجديد بالرقم 19 لكي يستعمل عبارة أقل من مبدأ المساواة ومن مطلب دسترة مؤسسة “المجلس الوطني للمساواة” الذي تمت المطالبة به في أكثر من مناسبة؛ فجاءت الصيغة متضمنة لمبدأ “التكافؤ” ثم إحداث” هيئة للتكافؤ”..مثلما لوحظ أيضا في ثنايا نفس الفصل بأن المشرع عند التنصيص على “تمتع الرجل والمرأة بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية…..إلخ”، قد يكون تعمد بأن يورد عبارة الحقوق غير مسبوقة بمفردة”جميع”، كما جعل صفة “المدنية” ملتصقة ومسبوقة بعبارة “الحريات” وليس بعبارة “الحقوق”..ولربما في ذلك أكثر من تساؤل وتأويل يفتح المجال مشرعا نحو الالتفاف – في أي لحظة -على هذا المبدأ الكوني الهام.

    ü          سادسا: النص جاء خاليا من أي تلميح أو إشارة إلى نية معينة للتوجه راهنا أو مستقبلا نحو إلغاء عقوبة الإعدام، أو إلى المصادقة على نظام روما المتعلق بالمحكمة الجنائية الدولية..وهذان المطلبان إضافة إلى أنهما من مطالب الحركة الحقوقية والديمقراطية، فإنهما كانا من ضمن التوصيات الأساسية لهيئة الإنصاف والمصالحة والتي صادق عليها الملك، كما قال عنها أيضا هو نفسه في خطاب 9 مارس بأنها توصيات ستدستر، وذكر بها ضمن المرتكزات حينذاك بإيراد عبارة “دسترة التوصيات الوجيهة” لهيئة الإنصاف والمصالحة..وهو ما يؤكد لنا الآن بعد خروج المشروع بأن هاتين النقطتين لا تعدان وجيهتين في نظر المشرع الدستوري؟ .!

             سابعا:  لم تتم الإشارة إلى أية صيغة ل”المصالحة الوطنية” في النص الدستوري، والتي قد يفهم منها أو يلمح فيها إلى صيغة من صيغ الاعتذار الرسمي للدولة المغربية – من خلال نص الدستور- عن ماضي الانتهاكات  الجسيمة لحقوق الإنسان خلال الحقبة المعروفة والموسومة ب” سنوات الرصاص”..

              ثامنا: إن تقسيم الفصل 19 كما كان في كل صيغه بالدساتير السابقة إلى فصلين لم يحل الإشكال تماما، حيث أنه ورد ت عبارة فضفاضة جديدة في الفصل 42 في المشروع الحالي هي عبارة أوصفة “الحكم الأسمى” والتي قد تؤدي في المعترك السياسي مستقبلا نفس الأدوار أو تكون لها نفس التأويلات التي كانت تشكلها صفة “الممثل الأسمى للأمة” التي كانت تؤثث الفصل التاسع عشر”الشهير” والذي من خلاله كان الملك يتدخل في إصدار التشريع من خلال ظهائر…إلخ.ويخشى أن تتحول صفة “الحكم الأسمى” أيضا مع مرور الوقت ومع نشوء حالات التنازع الذي قد نكون أمامه أحيانا بين السلط أو المؤسسات أو الوسائط، ومع تعدد مجالاته، إلى سلطة فوق دستورية تنوب أو تحل محل مؤسسة أو مؤسسات دستورية قائمة الذات في أداء اختصاصاتها الدستورية..

               تاسعا: على الرغم من التنصيص في الفصل 52 من المشروع على أن خطاب الملك لا يمكن أن يكون موضوع نقاش داخل مجلسي البرلمان فقط، بحيث لم يعد منع مناقشته واردا في صيغة عامة ويسري على الجميع كما كان واضحا في الصيغة السابقة؛ فإن هذا التعديل الجديد لم يرق – مع ذلك- إلى مطالب القوى الديمقراطية والحقوقية في هذه النقطة، والتي كانت تأمل في التنصيص الصريح على أن ” الخطاب الملكي يتضمن فقط توجهات كبرى غير ملزمة بالضرورة، وبأن الخطاب الملكي ليس مرجعا قانونيا أو مصدرا للتشريع مرتبا لمقتضيات تنفيذية أو لقرارات إدارية”..

               عاشرا: لوحظ في مشروع الدستور أيضا رغم ما يروج له وصفق له بأن المجلس الحكومي ومن خلاله رئيس الحكومة قد خولت له صلاحيات واختصاصات واسعة تنازل عليها المجلس الوزاري برئاسة المؤسسة الملكية في الدساتير السابقة، والحال أن   سلطات واختصاصات هذه المؤسسة في المشروع الحالي قد توسعت وكثفت بشكل ملحوظ عن ما سبق، فنجد المشرع قد أناط به سلطة رئاسة المجلس الوزاري(رغم ورود التعديل الخاص بإمكانية تفويض رئاسته لرئيس الحكومة)، ثم سلطة رئاسة كل من المجلس الأعلى للسلطة القضائية، المجلس العلمي الأعلى، المجلس الأعلى للأمن، القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية، تعيين رئيس ونصف أعضاء المحكمة الدستورية، تعيين خمس شخصيات داخل المجلس الأعلى للسلطة القضائية، ثم تعيين رئيس ونصف أعضاء الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري المعروفة اختصارا ب “الهاكا”..إلخ..

               إحدى عشر: في ما يخص البرلمان، فالمشروع – في اعتقادي- لم يأت بالإصلاح الجوهري المطلوب  والمأمول، والذي كانت تطالب به القوى الديمقراطية والحقوقية، والذي كانت من بين أهم مقوماته تخويل مجلس النواب  بصفة حصرية السلطات التشريعية الكاملة المسندة للبرلمان بمجلسيه بمقتضى الدستور المطبق الحالي، فضلا عن توسيع مجال التشريع لكي يمتد مجال القانون إلى كل الأبواب والميادين التي تجعل من مجلس النواب المؤسسة الدستورية الأساسية التي تختص بوظيفة التشريع، ويرجع إليها أمر إصدار القوانين والمصادقة عليها..

        إثنا عشر: ثمة هنالك بياضات وفراغات في المشروع الحالي وجب الوقوف عند بعضها على الأقل تجعل المهتم والمتتبع يتساءل عن دواعي عدم ملء المشرع الدستوري لتلك البياضات وعدم سده لتلك الفراغات لتفادي التأويل، ونذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر الفصل 88 من المشروع الذي ينص في فقرته الأخيرة على أن”الحكومة لا تكون منصبة إذا صوتت الأغلبية المطلقة لأعضاء مجلس النواب ضد برنامجها” ، لكن المشرع لم يعطنا الجواب والمخرج الدستوري عند تحقق مثل هذه الحالة وسكت عن ذلك، مما يفتح الباب للتأويل بشكل قد يفسح المجال للملك من جديد للتدخل بشكل من الأشكال أو انطلاقا من سلطته في الفصل 42 ك”ضامن لدوام الدولة واستمرارها” أو ك”حكم أسمى”، فنكون – إزاء هذه الحالة- أمام توسيع إضافي لسلطات الملك من غير تلك الصريحة بنص الدستور..وما قيل عن مثل هذا البياض يقال أيضا عن بياض دستوري آخر يتمثل في أن المشرع لا يعطي بتاتا أي جواب دستوري عن الحالة التي قد يتعرض فيها الملك الدستوري – كأي إنسان طبيعي – لمرض طويل الأمد أو إذا عاقه عائق في حجم  القوة القاهرة عن ممارسة مهامه الدستورية وتدبير رئاسة الدولة..   

    * على سبيل الختم:

    * تلكم إذن ملاحظات أولية عامة وانطباعات لا تدعي الإحاطة بتناول كل الفصول والأبواب بالملاحظة أو التعليق، في انتظار مزيد من تعميق البحث والقراءة الشاملة لكل المقتضيات والأبواب، على أن ما يهمنا من هذا المقال/ المساهمة هو أن نفتح شهية النقاش حول هذا النص الدستوري- بين الإخوة والأصدقاء والزملاء أولا- وبين كل المهتمين والسياسيين الديمقراطيين والحقوقيين، تاركين للباحثين والأكاديميين المتجردين والأكفاء والمستقلين والمختصين الحداثيين في مادة القانون الدستوري مهمة التحليل الشامل والوافي والتمحيص في القراءة والتشخيص وصولا إلى التوصيف اللازم لطبيعة هذا الدستور، ومدى كونه يشكل قطيعة أو استمرارا لعهد الدساتير الممنوحة التي شكلت على الدوام سدا منيعا – بلا شك- أمام مطامح إرساء نظام ديمقراطي تكون فيه السيادة حقا للشعب ويكون  مصدرا فعليا للسلطات..

           لقد أخطأ التعديل الدستوري في المغرب مرة أخرى موعده مع التاريخ ومع طبيعة التغيير المنشود، التغيير الذي يقود حتما إلى الديمقراطية ودولة المواطنة الحقة والكاملة لا مجتمع الرعايا، وإلى تحقيق الكرامة والعدالة الاجتماعية والمساواة وحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها كونيا، والقطع مع كل مظاهر الفساد والاستبداد..

          وبعد هذا وذاك، وفي خلاصة هذا المقال جاز لنا القول بأن أقل ما يمكن أن نصف به مسلسل التغيير الدستوري الجاري عامة في بلادنا- وفي غياب تدابير الثقة المسبقة وإجراءات حقوقية وسياسية مصاحبة فعالة، ومع استمرار اعتقال الحقوقيين والنقابيين والصحافيين والطلبة والمعتقلين الإسلاميين، ثم القمع والتضييق الممنهجان ضد حركة 20 فبراير، وكذا مصادرة حقوق وحريات أساسية ضمنها حق التظاهر السلمي، واستمرار الإعلام العمومي الرسمي منغلقا على نفسه متماديا في لعب أدوار الدعاية الفجة والانحياز للموقف الرسمي والتعتيم ضد الآراء والمواقف المخالفة والمعارضة، وبروز معالم مؤشرات سلبية تفقد الاستفتاء طبيعته وروحه الديمقراطيتين(نموذج حشد السلطة وأعوانها للمظاهرات المؤيدة للدستور مباشرة بعد الخطاب الملكي الأخير..)-  جاز القول إذن بأنه مجرد تغيير جزئي هش لا يمس الجوهر العميق، ولن يصمد بالتأكيد أمام قوة وجسامة الواقع الذي لم يزل يراوح المكان إن سياسيا أو حقوقيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا أو ثقافيا..

            إن تغييرا من هذه الطينة، ومن هذا المستوى لا يمكن أن نقول في حقه سوى جملة واحدة تفي بأكثر من معنى ودلالة هنا والآن:  إنه ” التغيير عندما يلبس جبة الاستمرارية “..

    انتهــــــــــــــــــــــــــــــــى-

    بقلم :عبد المجيد أيت حسين

    ناشط حقوقي وجمعوي /مهتم بالشان الدستوري

     

    معاريف بريس

    www.maarifpress.com

    تعليقات الزوار
    Loading...
    footer ads

    footer ads