صحيفة إلكترونية استقصائية ساخرة
after header mobile

after header mobile

العدل والاحسان… جماعة بلطجية الرفض

في تقاليد الديمقراطيات العريقة أن الأقلية تذعن إلى رأي الأغلبية، خصوصا حين يكون صادرا التعبير عن الإرادة التي تعكس ممارسة السيادة، عبر الاستفتاء أو أنماط الاقتراعات.

و يكتسي هذا الموقف المتعارف عليه في أبجديات الديمقراطية التي يحتكم إليها الجميع أهمية أكبر، كلما تعلق الأمر باستفتاء حول قضايا مصيرية، مثل المراجعات الدستورية أو القضايا الوطنية التي تكون عادة محور إجماع. إلا من طرف من اختار معاكسة التيار.

بهذا المعنى يصبح الموقف الذي اتخذته جماعة العدل والإحسان المتشددة والمناهضة لإجماع الأمة، حول الدعوة إلى التظاهر، بعد أن أقر الشعب المغربي دستوره الذي يبلور المرجعية القانونية الأسمى غير مفهوم وغير مقبول. ليس لأنه يروم محاولة معاكسة روح الإجماع فقط، ولكن لأنه يهدف إلى التشويش على المسار الجديد الذي دخله المغرب، متسلحا بإدارة أبنائه الملتفين حول العرش الرائد. وهذا الموقف السلبي من طرف الجماعة في حد ذاته كفيل بأن يزيل الغشاوة عن كل العيون، ويكشف مناطق الظل في منطق الجماعة التي بدا أن إسمها مشكوك في سلامته، مادامت هي نفسها خارج عن الجماعة، أي الرأي العام الذي استشير بكل حرية في إعداد الدستور الجديد. بكل ديمقراطية وشفافية من بداية العملية إلى نهايتها.

لقد دخل مصطلح البلطجية عالم السياسة. وهو يعني أن هناك مجموعات متطرفة في الفكر والأسلوب تحاول أن تفرض رأيها – إن كان لها رأي- بالقوة والعنف، خارج الضوابط القانونية للسلوك السياسي المتعارف عليه. وإذا كانت مظاهر البلطجة برزت في أحداث العنف التي عرفتها بعض الدول العربية، حيث تم تسخير أفراد وجماعات لترهيب المواطنين و تعنيفهم، كما في قانون الغاب. فإن ما يؤسف له أن المغرب بدوره عرف ما يمكن تسميتهم ب “بلطجية الرفض” والذين تمثل جماعة العدل والإحسان طليعتهم غير المتنورة.

ذلك أنه بعد مصادقة الشعب المغربي بكل فئاته ومشاربه و أطيافه السياسية، ذات النفوذ المؤثر على الإصلاحات الدستورية الشاملة. لم يعد هناك ما يبرر التمسك بمنطق الرفض، سيما وأن الأوفاق الديمقراطية تحتم وضع إرادة الأمة فوق حسابات الأفراد. لكن هؤلاء لا يؤمنون بالديمقراطية، و لا يفهمون أن حق الاختلاف يكون مطلوبا في الدفاع عن المصالح العامة فقط. أما استعمال الرفض من أجل الرفض، فإنه يبقى من قبيل الأحكام العدمية التي تحكم على أصحابها بالعدمية وعدم النضج.

مظاهر الرفض تكون مقبولة في الأعراف الديمقراطية، عندما يتعلق الأمر بالتعبير عن المواقف السياسية. إلا أن الغريب أن جماعة العدل والإحسان ليست حزبا سياسيا، و مع ذلك فإنها تمارس سياسة الهروب إلى الأمام، كما يتجلى ذلك من خلال دعوتها إلى التظاهر تحت شعار استحضار أرواح الشهداء. وقد غاب عنها المغاربة منذ أن قيد الله لهذه الأمة أن تكون حرة وذات سيادة، يقفون إجلالا أمام أرواح شهدائهم الحقيقيين في معارك نصرة الحق والذوذ عن عزة الاسلام وكرامة ووحدة الوطن.

يا للعجب ! حتى صفة الشهداء التي تلزم التقدير والإجلال، باتت تستعمل في المزايدات، والأدهى أن من يقوم بذلك هم بلطجية من نوع جديد، لا هم لهم سوى افتعال المواجهات وإشغال الناس عن المعارك الحقيقية التي تروم تكريم الانسان وصيانة حوزة الأوطان.

لكن المغاربة الذين رفضوا سياسة التيئيس ومزايدة المتلاعبين بالمشاعر الروحية، كانوا سباقين في الرد على البلطجية الجدد بأسلوب حضاري، سمته إقبال الكثيف على صناديق الاقتراع. أما الذين ارتضوا أن يكونوا بلطجية الرفض، فقد حكموا على أنفسهم أنهم خارج الإجماع.

 

معاريف بريس

أبو ميسون

www.maarifpress.com

 

تعليقات الزوار
Loading...
footer ads

footer ads