صحيفة إلكترونية استقصائية ساخرة
after header mobile

after header mobile

ضوضاء الهواتف الذكية

 

 

 

  تطالعنا العديد من النشرات الإخبارية و عناوين الصحف سلوكيات غريبة اجتاحت العالم العربي كنوع من التمرد على القيم و الأخلاق.

   من مظاهر هاته السلوكيات إثارة الضوضاء عن طريق تشغيل مكبر صوت الهاتف الذكي،داخل الأماكن العامة كالمقاهي و المطاعم و و وسائل النقل: الحافلات القطارات،و لم تسلم منها  حتى الحمامات… ، أناس غير محترمين لخصوصيات الآخرين ،و حقهم في الراحة و الهدوء و الاطمئنان الجسدي و النفسي. فلا يكثرتون لعجوز وهنت عظامه ،  يحتاج  إلى راحة  قبيل رمقه الأخير.ولا يقيمون أدنى اعتبار لإمرأة حامل مثقلة البطن،تنتظر الطلق بفارغ الصبر. أو رجل فقد عزيزا عليه، تحاصره الذكريات من كل اتجاه… ولا يعتبرون رجلا  جلس بإحدى المقاهي ليستريح، ترغمه الضوضاء على ترك نصف كوب قهوته لاهبا ، و يذهب متأبطا شره…

   كل هؤلاء  يمقتون صخب و ضجيج  هاتف  مراهق مستهتر . وإذا تجرأ أحدهم و تحدث مع الفاعل ،فإنه هذا الأخير  لن يتردد لحظة واحدة في سبه و نعته بالكلمات النابية و بأقبح الصفات ،و  قد يتطور الأمر فيشهر سكينا غليظة مخبأة وراء  حزامه، فيهدد و يتوعد  بالاعتداء…حتى أن مالك المقهى أو النادل،أو مسؤولي الأمن الخاص بالقطارات،أو العاملين بالحافلات  لا تدفعهم الشجاعة لإيقاف  هذا الجانح عند حده.

   لقد اخترعت الأجهزة الإلكترونية لإسعاد البشرية، قصد التواصل و تبادل المعارف،و الترفيه والتسلية . لهذا ، كان حريا  بمشغل هاته الموسيقى الصاخبة  أن ينصت إليها  عن طريق سماعات يضعها في أذنيه،لأن حريته تنتهي عندما يتجاوز حدود الآخرين…

     يرجع البعض هاته السلوكيات إلى تناول المخدرات و الأقراص المهلوسة،و الرغبة في فرض الذات و السلطة الشخصية،و غياب التربية السوية و تفشي المشاكل الأسرية،و الجهل و الفقر و البطالة و الفراغ المهني،التي  تؤدي بالفرد إلى الحقد و العدوانية على المجتمع .

     من الناحية القانونية لا يسوغ لأي شخص استعمال وسائل بث( بمعنى كل جهاز يحدث صوتا أو ينقله أو يكبره كالهاتف النقال ) في الفضاءات العمومية،بكيفية تؤدي على إقلاق راحة غيره. وإن تمديد صلاحيات الأمن للإشراف و المراقبة فيما يخص استعمال هاته الوسائل ، و اتخاذ الإجراءات القانونية في حق المخالفين لأنجع سبيل  للحد من هاته السلوكيات.

   على مستوى العقوبة، يبقى المشرع هو المختص بكيفية فرضها: غرامة أو حبس لبضعة أيام،أو بالعقوبتين معا. 

   و في حالة العود، تشدد العقوبة ضد المخالف،و تبقى للمحكمة السلطة التقديرية في مصادرة الهاتف المزعج،بالإضافة إلى فرض العقوبة على مستعمله.

    مما لا شك فيه أن التغاضي عن مثل هاته السلوكيات ،  سيشجع  على الفوضى و البلطجة و التمادي نحو ارتكاب الجرائم،والتعامل  بمنطق القوة و سيادة قانون الغاب و التطاول على حقوق الناس.

 

 هشام النخلي

معاريف بريس

www.maarifpress.com

تعليقات الزوار
Loading...
footer ads

footer ads