صحيفة إلكترونية استقصائية ساخرة
after header mobile

after header mobile

حكام …أم أباطرة الهلوسة

تحمل الشعب العربي الليبي زعامة القذافي أربعين عاما وبذلك يستحق هذا الشعب وسام التحمل الأعظم من الدرجة الأعلى إذ لم يستطع حتى الصحفيين، الذين انتظروا خطبته المشرومة لمعرفة خطواته القادمة، متابعة هذا الهذيان حتى نهايته. فقد تجاوز هذا القائد الهالك عباقرة أدب العبث العالميين وقدم خلطة من الكلام “المخبوص” يعجز عن تفكيك رموزه العلماء الذين ظهروا في الفترة الأخيرة بكثرة غي عالمنا العربي ليحللوا ويحرموا.
فرض القذافي “الجزية” على المسيحيين وهو في ريعان ثورجيته، بينما وصفه منظرون وقادة يساريين بـ “الشاب الثوري المتحمس”. وارتكب عملية “اللوكربي” الإرهابية ليوقع بنتيجتها ليبيا تحت رحمة حصار طويل الأمد عانى خلاله الشعب الليبي أشد المعاناة بينما تمتع أولاده بالحرية والثروة، ولم يوفر سيف الإسلام بن القذافي طاقاته الشابة التي تناقلت أخبارها الصحافة العالمية حيث كانت من أشهر محظياته على سبيل المثال ممثلة إسرائيلية، لا ندري إن هو أراد بذلك أن يحرر فلسطين انطلاقا من هذه الموقعة.
وهدر قائد “الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى” أموالا طائلة من مقدرات هذا البلد الغني بموارده النفطية ، إذ قام بتمويل منظمات “ثورجية”! عربية وغير عربية بهدف “محاربة”! أمريكا وإسرائيل. وجاء إلى بلاطه الصحفيون والأدباء “التقدميون” للحصول على الهبات. فاتضح بالنتيجة أن جميع من حصلوا على الدعم المادي كانوا تجار مبادئ ومواقف ثورجية أدوا خدمات جلى لنظام “القائد”، بالعمل ليس على تضليل الشعب العربي الليبي فحسب بل والشعب العربي كله والعالم من حوله وذلك بتنفيذ أعمال تصب بهذا الشكل أو ذاك في خدمة الصهيونية ليس إلا.
ولم يوفر القذافي خطبة إلا وشن فيها حربا شعواء على أمريكا وقضى فيها على إسرائيل وحرر فلسطين. أما في خطبته العصماء الأخيرة التي أطل بها علينا من وكر مجهول ليمثل ظهوره على ساحته الخضراء بشكل “إفتراضي” ويخاطب شعب “إفتراضي”، بينما لم يوفر آية من الوعيد والتهديد إلا وأدرجها على قائمة هلوساته.
تطرق في كلمته إلى ذكر “هيلاسيلاسي”، ويا لمفارقات القدر فقد نشر الإمبراطور الإثيوبي في زمانه أسطورة “إنه لو مات، فستغيب الشمس معه إلى الأبد، وسيفنى الناس من بعده” ويبدو أنه هو نفسه اقتنع بهلوساته. لكن الشعب أطاح به رغم طاغوته، وما أشبه الأمس باليوم وأباطرة إفريقيا “المهلوسين” اللاحقين بالسابقين.
كان هناك سؤال يطرحه مختلف الناس باستمرار عن حاجة هذه الأنظمة “الصامدة” لتخصيص هذا الحجم الهائل من النفقات على التسليح، وكنا نظن أنها بوابات لنهب موازنة الدولة فقط، إلا أن حاجة النظام إلى السلاح الفعلي اتضحت اليوم فهذا السلاح يستخدم لإبادة الشعب الثائر من أجل الحرية والكرامة.
وتصطدم ثورة الشعب العربي الليبي، كما ثورات الشعوب العربية التي صحت في مجموعة من البلدان العربية وكان لها شرف الريادة التاريخية في التغيير الثوري للحياة العربية، تصطدم بعداء الصهيونية “متعددة الأديان والجنسيات” والمتمثلة في:
انشغل أصحاب الأعمال بنقل جديد تقنيات المعلوماتية وتسويقها بهدف جني المزيد من الأرباح. وفات الجميع مسألة أنهم بذلك فتحوا آفاق العالم أمام جيل، لم يدرك المتسلطين حتى الآن من هو؟ لأن العنجهية الشخصية والجشع اللامتناهي أعمت بصيرتهم، وفاتهم أنه قد تشكلت قوى غير تقليدية وإن مواجهتها لن تنفع بشيء لأنهم جيل العصر المقبل. وفرض عملية التعليب القومجي أو الإسلاموي أو الشيوعي عليهم أصبح ضربا من الخيال هم أبناء الأمة العربية بتجرد وأبناء وطن واحد، وهذا ما نراه اليوم من المحيط إلى الخليج.

1- العربان الثورجيون الذين امتهنوا واعتاشوا وما يزالون على حساب القضية الوطنية “المركزية” حيث غدت لهم “دجاجة تبيض ذهباً”، فكيف لشعب عربي آخر أن يهدم هذه الأسطورة ويكشف الكذب والرياء والنفاق الذي يعتاش على حسابه حملة لواء “القضية”. وقد تمكنت هذه الشعوب العربية الأخرى من تحقيق الثورة فعلا لا قولاً وتجارة.

2- جاءت الثورات العربية القائمة الآن مفاجأة لجميع القوى السياسية والأحزاب التقليدية المحلية والعربية والعالمية، ومنها حركات الإسلامويين الأصوليين الذين طالما جرى استخدامهم كفزاعة وبأنهم البديل المقبل للديكتاتوريات القائمة، وفي الواقع هذا طموح الصهاينة التاريخي إلا أن شيئا من هذا القبيل غير وارد لأن الشعب العربي تجاوز بوعيه كل هذه التلفيقات ولم يدرك الصهاينة هذا إلا بعد “ما وقعت الفاس بالراس”، ففي حين تغيبت جماعة الأخوان المسلمين عن الثورة في تونس، تخلفت عن اللحاق بانطلاقة الثورة في مصر، وفي محاولة من الإسلامويين لاستدراك فشلهم أخذوا بتعديل تكتيكهم حيث بادر “علماء المسلمين” بالتأكيد على الشعب الثائر في ليبيا بأن القذافي انتهى ويجب إسقاطه، أي أن الإسلامويين قرروا ركوب الموجة قبل مضيها بدونهم وليصوروا أنفسهم وكأن المبادرة في أيديهم، إلا أن الواقع يشير إلى أن الشعب بشبابه تجاوز هذه الاحتيالات وأن تكتيكات كهذه لن تمر.

3- هناك قوى عربية وعالمية قررت متابعة الكذبة التي حبكها الغرب بشأن مستقبل العرب، فعملوا على تصوير هذه الأمة واقتنعوا هم أنفسهم بكذبتهم: أن العرب متخلفون وإمكانياتهم العقلية محدودة ولديهم تصلب دماغي وغير قادرين لا على التعلم ولا على التطور وهم إرهابيون بطبيعتهم، وبالتالي سيقعون في حبائل الإسلامويين، وسيتسلم الحكم في البلدان العربية الأصوليون ويعم العالم “المتحضر” إرهاب عربي إسلامي.

 كتب :عمار قط

تعليقات الزوار
Loading...
footer ads

footer ads