صحيفة إلكترونية استقصائية ساخرة
after header mobile

after header mobile

الشعب المغربي يريد …

ان الأرادة الشعبية تتحرك وفق قواعد تتحكم فيها عدة عوامل سياسية وتاريخية واقتصادية واجتماعية وثقافية ، والشعب المغربي لم يكن في أية لحظة ساكنا وراضيا بما تجري به الأمور السياسية بقدر ما كانت ردود أفعاله تتناسب والظرفية والوسائل المتاحة لدى مكوناته وتنظيماته ومساحة الحرية وشدة القبضة الحديدية للنظام ، الا أن الضغط المباشر لن يخيف أبدا الشعب الذي يطمح للحرية وانما الأساليب السياسية والتلوينات التي تموه الطريق نحو التحرير هي التي تأخذ من الشعب وقتا للتحرك ورسم معالم الطريق الى المطالبة بالحرية واسترداد الحقوق، والتاريخ ملئ بلحظات الأنتفاضات الشعبية ، وتلك متوالية غير محسوبة وبالتالي لا يمكن السيطرة عليها باي اسلوب آخر غير اسلوب الدموقراطية التي يكون فيها الشعب سيد نفسه عبر آليات ومؤسسات يختارها بمحض ارادته ، ولذلك لم يكن مفاجئا لأي مغربي ان يجد نفسه يوما في معمعة الثورة العربية من خلال انتفاضة الشباب التقدمي بمعنى الكلمة لأنه استعمل أداة متطورة وهي الأنترنيت التي مازالت الأغلبية من الشعوب العربية تسمع عنها فقط ،ثورة سريعة التواصل ، وسريعة في مطالبها ، وفي غاية الدقة في تحديد الهدف ، فالشباب المغربي لم يركب طريق اللف والدوران كما تفعل غالبية الأحزاب السياسية التقليدية التي تجاوزها الزمن وبالتالي كل ما يصدرعنها من مذكرات تحمل اصلاحات محتشمة ومترددة ، اما الشباب قال بكل صراحة أنه يريد اسقاط نظام الفساد واسقاط الأستبداد والبوليس السياسي ، ومحاكمة رؤوس النظام المخزني في كل جوانبه البوليسية والأقتصادية والسياسية ، والمطالبة بملكية برلمانية وحل البرلمان والحكومة ووضع دستور غير ممنوح بل تضع فصوله وأبوابه جمعية تأسيسية منتخبة كما طالب الشباب الذي يئس من السياسات المتعاقبة التي لم توفر له مساحة كافية ليبدع ويعمل ويعيش كما هو حال كل شباب العالم . . وفي المقابل هناك النظام الذي حاول الأستجابة لتلك المطالب عبر اشارات عديدة منها ما هي على واقع الأرض بحيث مرت المظاهرات في اغلب المدن في جو من الهدوء ولم تقع تصادمات الا في بعض المدن كطنجة ومراكش والحسيمة في 20 فبراير وتلك ربما حالات قد تكون بفعل التيار الذي لا يريد التغيير داخل النظام او بفعل عناصر غير مسيطر عليها ، وفي جميع الأحوال لم تكن من قبل الشباب الذي يريد التغيير السياسي سلميا ،لأنه على درجة عالية من الوعي لن تجعله ينزلق الى مثل تلك التصرفات التي الكل لا يريدها لبلده ، لأننا نريد البناء لا الهدم ، اشارات ارسلت للشباب من قبل النظام السياسي بان له حق التظاهر بسلم وله أن يرفع كل الشعارات ويطالب بالتغيير دون أن يعترض سبيله أي بوليسي،اللهم ما كان من البوليس السري بطبيعة الحال لتفادي الأحتكاك بين الشباب والقوة البوليسية، وتلك ممارسة الكل صفق لها وسجلها كنقطة ايجابية لهذا النظام محليا ودوليا، والأشارات المتوالية هي التصريح من لدن الحكومة بتشغيل المعطلين وان بجرعات لا تفي بكل الغرض ولكن على كل هي خطوة يمكن انتظار ما بعدها ، ثم هناك اشارة الخطاب الملكي ل9مارس الذي دخل مباشرة في صلب الموضوع من خلال تقديم تعديلات دستورية على الدستور الحالي ، والحال ان الشباب يطالب بدستور جديد غير ممنوح ، وبالتالي فالخطاب كان قبل هذه الظرفية الأقليمية قد يكون سباقا للتغييرلكن هذه الأحداث المتعاقبة على الساحة السياسية الوطنية والعربية جعلت منه خطابا لا يلبي كل المطالب في نظر البعض خاصة وان الشعب لم يكن ينتظر التعديل الدستوري بشكل ملح بل كان ينتظر برامج سياسية وقرارات فورية تخرج البلاد من عنق الزجاجة التي وضعت فيه بسن سياسات تفقيرية وتهميشية للفعاليات الشابة والكفاءات وسلوك طريق القرابة والعائلات وفساد الأدارة العمومية بالرشوة التي ازكت الأنوف برائحتها التي تشمها في كل دهاليز الأدارات المغربية من المحافظات العقارية الى المحاكم الى المستشفيات وما ادراك ما المستشفيات التي تساوم على صحة الأنسان . ان الوضع السياسي يتطلب في نظري التدخل بكل قوة بقرارات تهم الحياة اليومية ، كالرفع من الأجور والحد من الرشوة بوضع آليات للمراقبة التقنية ورادرات كما هو الحال بالنسبة لمدونة السير، سنحتاج الى مدونة لمحاربة الرشوة ، والوضع يحتاج الى تدخل الحكومة لوضع سياسة مستعجلة لأنقاذ ما يمكن انقاذه في مجال الصحة ، القيام مثلا بمسح عام للأمراض التي يعاني بها الشعب المغربي ووضع خطة مستعجلة لعلاجها في أجل لا تتعدى ثلاثة أشهر و بالمجان ، والتمويل من قبل مكتب الشريف للفوسفاط أوصندوق الأيداع والتدبير و القرض الفلاحي وبعض الخواص الذين تتجاوز أرباحهم السنوية المليارات من الدراهم ، والعمل على الأسراع بخطة تعليمة تشمل جميع المستويات للخروج من التعليم السائد الذي لا يرتبط بالواقع الوطني والجهوي والتركير على العلوم التطبيقية والمناهج التعليمية التي تضمن منصب شغل مباشرة بعد التخرج مع القطع بالمرة مع سياسة ( اباك صاحبي  )، لذا يجب التأكيد مرة أخرى أن الظرفية السياسية تتطلب التدخل السياسي وليس الدستوري في الحال ، لأن الأحتقان بلغ درجة قد ينفجر من خلاله الوضع وبالتالي تكون كل المحاولات لأنقاذ ما يمكن انقاذه متجاوزة ، لذا يجب العمل على الجبهة الداخلية ، بفسح المجال للحريات ، خاصة حرية التعبير بفتح منابر بعقليات متحررة وليس بعقلية الرسمي التي لا تتزحزح عن الوضع ولا تعمل الا في اتجاه التطبيل والتبجيل ، بل نحتاج الى اعلام بناء وموضوعي ونزيه وغير منحاز الا للشعب ،نحتاج الى سياسة وطنية تجد في مطالب الشعب قوتها وفي الأستجابة لرغباته هدف وجودها ،نريد سياسة تعكس مطالب الشباب كالمرآة الصافية بلا مراوغة ولا رتوش ، نريد أن نشعر بالعزة والأطمئنان والكرامة والحرية والرعاية ونحن في أحضان هذا الوطن لا أن نتحسر حزنا وألما جراء القمع والاحتقاركلما توجهنا للآدارة لقضاء حاجة ادارية ملحة أو توجهنا للمستشفى لعلاج سقم ألم بنا او طمحنا في مقعد في مدرسة في دوار او على سفح الجبل ،نريد العيش وفق مقاييس الحياة المتعارف عليها عالميافحسب لا أقل ولا أكثر هل هذا لا يستحقه هذا الشعب الشاب؟ ان الزمن السياسي المغربي بات يحسب بالأنجازات في الجانب الشعبي ، وأن الأستثمار الأساسي هو في الأنسان المغربي الذي لم يعد يقبل التسويف والأنتظار ، وكل التغييرات لابد أن تمر من المواطن ومن أجله في شكل قرارات يضع عليها بصماته ورغبته فيها واحساسه بانه صانع تلك القرارات ،أما ان تكون السياسة مرسومة في قمة الهرم الأداري او السياسي أو الأقتصادي وتنزل كالصاعقة على رؤوس مواطنين لا علم لهم بها ولم يشاركوا في صياغتها ، فتلك هي البلوى التي أوصلتنا الى ما وصلنا اليه من تعثر وتخلف في كل القطاعات.ان المواطن المغربي لم يعد يخاف من القمع الذي مورس عليه عبر عقود طويلة ، لقد ولى زمن الرعب من المخزن وما ترك في ذاكرة الشعب المغربي من جراح لن تلتئم بدسترة توصيات هيئة الأنصاف والمصالحة ولا بجبر الضرر المادي ، بل لابد من القيام بالأعتذار للشعب المغربي عبر قرارات سياسية تضع الضمانات الوطنية والدولية بعدم العودة لممارسات ذلك العهد البغيض .
ان الحراك السياسي الذي يشهده المغرب والذي ساهم في جزئه الكبيرالشباب المغربي بمساندة قوى تقدمية يشهد لها التاريخ بانها كانت دوما في خندق المناضلين،يسير في اتجاه التطور التاريخي الذي تعرفه ثورة ربيع الشعوب العربية ،يسعى الى التغيير في البنيات السياسية والأقتصادية والأجتماعية ، تغييرا يضع بموجبه حدا لممارسات تقليدية محافظة لا علاقة لها بالعصر ، في كل المجالات ، وتسعى الى بناء المواطن والمواطنة على أسس التحرر وعدم الأنقياد للقمع والركون للظلم والأستسلام له ، ان الشباب المغربي علمنا كيف نثور ضد الطغاة باساليب راقية وأدوات سلمية كما لو انها لقنها غاندي سياسة اللاعنف التي وضعت حدا للمملكة البريطانية التي كانت لا تغيب عليها الشمس . . ان الشباب المغربي الذي يقال أنه غير متسيس علمنا مبادئ السياسة وعمق الممارسة السياسية ، وأول درس سياسي هو الجرأة وعدم الخوف ، فالسياسي هو الجريئ في اتخاذ القرارات وعدم الخوف بالدفاع عن مبادئه أمام أنصاره قبل معارضيه .
ان المرحلة السياسة الحالية تتطلب من الحكام الأستجابة لمطالب الشعب بسرعة وبدون انتظار فان كل تأخير يفسر بالمراوغة وربح الوقت من قبل الشباب المتعطش للتغيير ، والأولوية تعطى للتشغيل ونبذ سياسة القرابة والأمتياز العائلي والحزبي والبدئ بالمحيط القريب من مراكز القرار حتى يتم تحسس الثقة في القول والفعل ،والأسراع باصدار قرارات تلمس في المعاش اليومي مثل رفع الأجور بشكل يتناسب مع غلاء المعيشة والتراجع عن القرارات التي تمس مالية الدولة كالخوصصة والتفويت ، والأعفاءات الضريبية لكبار الفلاحين والعقاريين دون استفادة الشعب منها في شكل من الأشكال ،
ان الوضع السياسي المغربي لا يتطلب تعديلات دستورية على أهميتها في المدى المتوسط ولكن نحتاج بسرعة الى سياسة شعبية تأخذ بيد الضعفاء مع الحفاظ على كرامتهم ، سياسة لا تهينهم عبر صدقات تقدم في المناسبات ، وتمرر في اعلام تعرف مقاصده الديماغوجية لتلميع أصحاب القرار وتغييب الشعب في ابداء رأيه عبر وسائل اعلام هو ممولها. على ضوء تداعيات الثورة الشعبية العربية لربيع سنة 2011 لم تعد التحليلات السياسية للأنظمة السياسية والدستورية قابلة للصياغة والثبوت الا عبر بوابة تلك الثورة وما جلبته من مبادئ وما كشفته من ممارسات مقيتة لأنظمة لا تتعامل مع مواطنيها الا عبر الآلة الحربية التي كان يعتقد خطئا انها ستوجه يوما للعدو المشترك للأمة العربية وهو النظام الصهيوني الا أن الأمر لم يكن كذلك بل كانت أسلحة مخصصة للشعوب ومواجهتها لحظة استيقاضها من الخنوع ومواجهتها للقمع والظلم والأستسلام ، انظمة عربية فردانية اعطت للأشخاص هالة غابت من خلالها المؤسسة السياسية وبرزت العائلة والقبيلة وأصبح مبدأ التوريث في الجمهوريات قبل الملكيات هو السائد ، وغابت الدساتير التي فصلت على مقاس الحكام وصدأت صناديق الإقتراع وبات التزوير هو العملة السائدة في كل انتخابات عربية تجرى في الشكل قبل الجوهر وساد الوطن العربي العزوف السياسي ، واستغل الحكام الظرف الدولي والتاريخي ، وقمع كل مطالب بالحرية وزج في غياهب السجون باسم التآمر ضد أمن الدولة والتعاون مع العدو والقائمة باتت معروفة لدى القضاة الذين يصدرون الأحكام باملاءات هاتفية واوامر فوقية ، وساهم في تلك الوضعية أصحاب المصالح الداخلية والخارجية من أحزاب إدارية مصنوعة على عجل لتحصل على أغلبيات لم تحلم بها اية هيئة سياسية لها جذور في عمق الشعب ، وتكونت أنظمة محصنة بوسائل قمعية وسياسية واقتصادية كلها تفننت في السيطرة على عقول الشعب بسياسات تعليمية لا تهدف الا لتجهيل الطلبة وتكريس مناهج لا إبداع ولا خلق فيها سوى استعمال الذاكرة للحفظ وترديد معلومات تجاوزها العصر ومفاهيم لم تعد متداولة في العالم المتحضر،وساد العالم العربي عهدا من الظلم والظلام ارتكن الشعب للشعوذة لغياب التطبيب والتنجيم لجهله للمستقبل والخضوع الى حد العبودية لقلة ذات اليد ، المجتمعات العربية باتت كخزان لكل الآفات الإجتماعية والإقتصادية والسياسية ،القمع السياسي والتفنن في أساليبه ، السيطرة الإقتصادية على كل خيرات الوطن العربي من قبل قلة حاكمة استعملت البوليس والجيش في قمع كل انتفاضة شعبية،والفساد الإجتماعي بالرغم من المكون الديني الذي يحث على غير ذلك ، إذ سادت الدعارة والتسول والرشوة والوساطة والقرابة وكل العلاقات المشبوهة لحل المشاكل الإدارية والإقتصادية على حساب الأخلاق والقوانين التي لا تجد التطبيق إلا على المحرومين والمنبوذين من النظام . فالثورة العربية كانت فجرا جديدا وولادة جديدة لشعوب عربية خرجت من استعمار أجنبي لتدخل الى استعمار من صنف آخر قادته طبقة حاكمة تارة باسم الدين وتارة اخرى باسم الثورة التي جاءت على فوهة المدفع ، طبقة حاكمة بالسوط وكتم الأفواه وتجويع الشعب وتجهيله، بناءا على المعطى الجديد الذي يعرفه العالم العربي بثورته التي طرحت كل الأنظمة أرضا لتعيد البناء السياسي والقانوني والإقتصادي والإجتماعي والثقافي، يجب العمل على تغيير العقليات التي لها مسؤولية اتخاذ القرار في هذا البلد ، تغيير ليس عيبا ولا ضعفا يساير مطالب الشباب الذي لا يريد سوى الكرامة للوطن وللمواطنين ، والحرية والتحرير من قبضة الإستبداد السياسي والإقتصادي والفكري . إن التغيير المنشود من لدن الشباب المغربي لن يأتي فوق قاطرة تعديل الدساتير ولا بنية قانونية جديدة بقدر ما ان التغيير ينبع من ذواتنا والنظر بعزم حولنا والتقرير بالتغيير كضرورة حياتية يتم من خلاله التطور الطبيعي للمجتمع المغربي دون التقوقع في أنانية من يعتبر انه دوما على صواب والباقي غارقين في الخطأ، والنظر للعالم بنظرة الواقعية العلمية والإقدام على القرار الحاسم والتنازل عن السلط للمؤسسات عوض ارتباطها بالأشخاص لأنه بكل بساطة الأشخاص يذهبون والمؤسسات باقية .
ان التغيير آت لا محالة وتلك هي سنة الحياة ، والشعب المغربي لا يختلف عن باقي الشعوب التواقة للحرية والتحرير ، فالشعب المغربي كريم ويحب العيش بكرامة وشهم لا يستجدي احدا فهو القوة عند الضعف وهو الرحمة عند الإنكسار وهو السند لمن لا سند له ، لذا فالشعب يريد وكلما أراد لا أحد يقف أمام ارادته .

معاريف بريس:حسين أربيب

تعليقات الزوار
Loading...
footer ads

footer ads