صحيفة إلكترونية استقصائية ساخرة
after header mobile

after header mobile

عبدالاله بنكيران:لا نحتاج الى أئمة في الوزارات

في مقر حزب العدالة والتنمية في الرباط، التقت “النهار” أمينه العام عبدالإله بن كيران لمناقشة موقفه من الدستور الجديد. وعن “الربيع العربي”، قال إنه ظاهرة سياسية-اجتماعية ليست الملكيات العربية في منأى عنه. وهاجم إيران، “خصوصاً لتدخلها المفترض في المنامة”، محذراً من أنه “إذا ضاعت البحرين، تذهب معها دول أخرى”. وهنا نص الحوار:

الرباط – سوسن أبوظهر


لكل من الأحزاب التي قالت “نعم” للدستور الجديد أسبابها. فما هي تلك الخاصة بكم؟ وهل لذلك صلة باستمرار المرجعية الدينية في يد الملك باعتباره أمير المؤمنين؟
– قررنا قول “نعم” لأسباب مختلفة، أولها سياسي، وهو الحراك العربي الذي أسقط رئيسين من عتاة الرؤساء العرب، وربما يليهما رؤساء آخرون ورؤوس أخرى. ذاك الحراك وصل باكراً إلى المغرب، وتفاعل معه الشارع بمبادرة من مجموعة من الشباب في (حركة) “20 فبراير”. ونحن قررنا عدم المشاركة فيها، لأننا كنا مقتنعين بأن المغرب لا يمكنه المغامرة بنظامه. والنزول إلى التظاهر في 20 فبراير (شباط) كان مغامرة. وجاءت التظاهرات محدودة، غير أنها أثارت مواجع. ثم جاءت كلمة الملك في 9 آذار حلاً سياسياً لأزمة سياسية. قبل الخطاب كان هناك حديث عن تغيير الحكومة، لكن ذلك لم يكن لينهي المشكلة، فاتُخذ قرار بتعديل دستوري يحل إشكالية كانت موجودة على الدوام في البلاد، وهي صلاحيات الملك ودور الحكومة ورئيسها.
إذاً قلنا “نعم” انسجاماً مع موقفنا المبدئي، لا نريد إسقاط النظام الملكي، بل نحن متمسكون ببقائه، لأنه ضرورة وليس “اكسسواراً”. كما أن الدستور خطوة أساسية في اتجاه الديموقراطية، إذ حدّد العلاقة بين الحكومة ورئيسها بجلالة الملك.
أما في ما يتعلق بالمرجعية الإسلامية، فقد حوفظ عليها بطريقة جيدة، أفضل قليلاً من الدستور السابق لجهة ذكر أن المملكة دولة إسلامية ودينها الإسلام. ولو كانت مُست لاتخذنا موقفاً مغايراً.
هل توافقون على كل ما ورد في الدستور الجديد بما في ذلك مساواة النساء بالرجال والاعتراف بالأمازيغية مكوناً أساسياً للهوية الوطنية؟ وما صحة ما نسب إليك من أن دسترة الأمازيغية “تهديد للاستقرار وسبب للفتنة”.


– المساواة لا مشكلة فيها، إنها حق من عند الله. وهي في كل الأحوال لا تعني بالنسبة إلينا تلك المساواة التي تصطدم بالنصوص الشرعية، لجهة الإرث على سبيل المثال. ربما تقصدين المناصفة، وهي فكرة جديدة، ولم يكن رأيي أن يتضمنها الدستور، لأنها تحدث اضطراباً كبيراً. ما دامت عندنا مساواة، لماذا المناصفة؟ فلتحتل المرأة المكانة التي تستحقها بمجهودها وإمكاناتها.
أما بالنسبة إلى المسألة الأمازيغية، فقد أثارها حزبنا، وهو من أكثر الأحزاب استقطاباً للعنصر الأمازيغي الذي يُعرف بقوة إيمانه. طالبنا أن تكون لغة وطنية لا رسمية، لكن لم نعترض على دستوريتها.
تصريحي المثير للجدل كان حول الحرف الذي تُكتب به، فهو صعب وقد قارنته بالصينية. وقلت: إذا أردنا اعتبارها لغة للمغاربة جميعاً، فلماذا لا تكون بالحرف العربي. ربما فسرت الجمعيات الأمازيعية رأيي على أنه تبخيس وإساءة. لكنني اعتذرت وشرحت قصدي.


ع■ هل قُضي الأمر وسويت المسألة.
– لست أدري، يمكنك قول ذلك من جهتي، عندهم لا أعرف.


مكتب كونفدرالية الجمعيات الأمازيغية في الجنوب المغربي قال إنك تستغل الإسلام “لأهداف سياسية وبطريقة شعبوية”.
ج : ماذا تقولين للذين يتهمونك؟ هذا اتهام في النيات. كوني أستغل الإسلام أم مخلصاً له أمر يقرره الله. لكنني أعتبر أن لي شرف خدمة الدين، ومن يعتقدون عكس ذلك هم أعداء الإسلام ولا يجدون كلاماً آخر يردون به علينا. خطاب حزبنا منسجم مع خيارات الشعب، ونحن في صدارة الأحزاب التي تحظى بثقته، فنحن عصريون وديموقراطيون، بل الأكثر ديموقراطية بين الأحزاب.


الأحزاب الإسلامية ومشاكل الشعوب


في زمن التخويف من الأحزاب والحركات الإسلامية مثل النهضة في تونس و”الإخوان المسلمين” في مصر وسوريا، يوصف حزبكم بأنه من الأكثر إعتدالاً عربياً. ما الذي يميّزه، غير الاسم الجذاب نسبة إلى النموذج التركي، مع العلم أن التسمية عندكم تعود إلى عام 1998.
– الأتراك زارونا واستحسنوا الاسم وأخذوه!
العدالة والتنمية حركة إسلامية، نحن حزب سياسي مرجعيته إسلامية. ليست لنا صلة تنظيمية بـ”الإخوان المسلمين”. قيادتنا السابقة في سبعينات القرن الماضي كانت ملاحقة في ملف جنائي فغادرت البلاد. بقيت مجموعة من الشباب، وأنا منهم، تطورنا وحدنا، بلا قيادة، من دون شيخ. ألهمنا الله لمراجعة أفكارنا السابقة، مثل العمل السري ورفض المجتمع والدولة والملكية، وضعناها على محك العقل والمنطق. ساعدنا في ذلك “شوية سجون واعتقالات”. سألنا أنفسنا، لماذا كل ذلك؟ فدولتنا إسلامية بحسب الدستور وملكنا أمير المؤمنين، فلنعمل في إطار المؤسسات وبدأنا رحلة الاعتدال وأخذنا بالديموقراطية.
على الأحزاب الإسلامية الإدراك أن مشكلة الشعوب ليست في الدين، بل في التعليم والإدارات وفرص العمل. نحن لا نحتاج الى أئمة في الوزارات، بل الى أصحاب أفكار واستقامة.


■ تقول إن الحزب يمثل “الحصن الحصين” للمغرب في مواجهة الفكر الجهادي. كيف ذلك؟
– فُتحت الأبواب لنا كحزب سياسي بداية التسعينات ونشطنا اجتماعياً وثقافياً. التطرف لا يجد أسباباً قوية لينتشر، ونحن نعمل لنشر فكر الاعتدال، وهذا يطوّق التطرف والإرهاب اللذين لم يستمرا وقتاً طويلاً ليتجذرا في نسيج المجتمع.


■ لكن الا توجد في المغرب تيارات سلفية جهادية؟
– بلى، وُجدت، لكنها قوبلت بصرامة أمنية كبيرة، ونبذها المجتمع لميله الطبيعي إلى الاعتدال. فضلاً عن أن الدولة لم تصطدم بالإسلام، رأسها أمير المؤمنين، تحافظ على الدين وعصريتها معاً. ليس فيها (الرئيس التونسي السابق الحبيب) بورقيبة يشرب العصير في شهر رمضان، ولا تحويل مسجد آيا صوفيا (في تركيا) متحفاً.


■ ما موقفكم من طرح جماعة “العدل والإحسان” إقامة دولة الخلافة؟
– هم مثاليون، الخلافة لا يستطيع إقامتها أحد. يتحدثون عن خلافة على منهج النبوة، أي مثل عهد الرسول محمد وأبي بكر (الصديق) وعمر (بن الخطاب) وليس عن الخلافة العثمانية. هذه أفكار يروجون لها منذ 30 سنة بدلاً من الاندماج في الحياة السياسية. الخلافة الفعلية انتهت مع الإمام علي، فكيف تعود بعد 14 قرناً.


“الربيع العربي” والملكيات وإيران


كان كثيرون يعتقدون أن “الربيع العربي” بعيد عن الملكيات العربية. هل يمكن ربط الإصلاحات التي أعلنها الملك في 9 آذار، أي بعد تحركات “20 فبراير”، بما تشهده دول عربية عدة؟
– الملكيات العربية ليست محصنة بالمطلق عن “الربيع العربي” ولا معرضة له بالمطلق. وذلك عائد إلى طبيعة الملكيات، الملك حاكم يحتاج الى الجميع، بخلاف الأنظمة الجمهورية التي يسيطر عليها الجيش أو حزب أحادي. إذاً يكون الاحتجاج محدوداً في الملكيات، وهذه هي الحال في المغرب، التحرك الشعبي سلط الضوء على المشاكل، لكن من دون تفجير الأوضاع.
غير أن على الملكيات كلها مراجعة نفسها في اتجاه الديموقراطية كما فعل المغرب، فذلك يحفظ لها مستقبلها، إذ مهما يكن الملك طيباً وصالحاً، فإن النفوذ يولد الاستبداد لدى أقاربه وأعوانه فينهبون الشعوب.


■ ما موقفكم مما جرى في البحرين وإرسال قوات “درع الجزيرة” إلى هناك؟
– الوضع في البحرين “مختلف شوية”، مع العلم أننا نرفض كل قمع. نتابع الأمر منذ مدة، ما يحدث ليس هبة شعبية فقط، إنه هبة شيعية مدفوعة من إيران ومدعومة منها. ويبدو لي أن هدفها هيمنة أكبر على الخليج. بصراحة أقول، النظام الملكي في البحرين لا يمكن التفريط فيه، لا يمكننا القول إنه جزء من الحراك العربي فنتخلى عنه. التصادم بين ما يسمى المحورين السني والشيعي يجب أن لا يكون على حساب البحرين، التي إذا ضاعت تذهب معها دول أخرى. في المقابل لا بد من قيام ديموقراطية حقيقية تعطي الشعب كلمة.


● الشعب بمعظمه شيعي.
– وإن يكن، يُعطى كلمة في إطار نظام دستوري يحفظ أسس الدولة وعلى رأسها الملكية.


● لكن ألم يضعف “الربيع العربي”، بطريقة أو بأخرى، النفوذ الإيراني في المنطقة؟

– ما أضعف إيران مشكلاتها الداخلية بعدما تصرفت كدولة تريد الهيمنة على محيطها والتوسع فيه. في تقديري أن (محمود) أحمدي نجاد كان سيبقى رئيساً (عام 2009)، ولم تكن هناك حاجة الى التدخل في الانتخابات. إيران التي كانت تهديداً كبيراً للأنظمة السنية المجاورة لم تعد تمثل الخطر نفسه.


● هل ينطبق موقفك من البحرين على الأنظمة الأخرى في الخليج، خصوصاً الكويت والسعودية؟
– الخطر على الكويت أقل من البحرين، وعلى السعودية أقل من الكويت.


● هل ترى أن المغرب ينتمي سياسياً وثقافياً، ولا نقول جغرافياً، إلى مجلس التعاون الخليجي؟ وهل كان الأمر دعوة إلى نادٍ للملكيات في مواجهة الجمهوريات المضطربة؟
– أنا استقبلت هذا الاقتراح بإيجابية، الكريم لو دعي أجاب. أياً تكن الأسباب، فالأمر جيد.


● طالبت شخصيات إسلامية في الأردن بإصلاحات على النسق المغربي. هل تجربتكم صالحة لمكان آخر؟
– من الضروري الإفادة من تجربتنا. مشكلة الملوك العرب أن المحيطين بهم يزرعون الخوف في نفوسهم. يقولون: إذا أطلقتم الإصلاحات لن تتوقفوا قبل التخلي عن العروش. برأيي أن على الملوك إدراك أن ما نشهده ظاهرة سياسية-اجتماعية، فالشعوب ملت احتكار الفئات الحاكمة الثروات. إنها تنشد الديموقراطية، وتحقيق ذلك متاح في الملكيات، لكن تدريجاً، عبر إصلاحات تبقي للملوك مكانتهم ودورهم التحكيمي. حتى النظام الجزائري، وهو غير ملكي، يريد الإفادة من الإصلاحات المغربية، لكنه يتباطأ خوفاً.

 

معاريف بريس

عن النهار اللبنانية

www.maarifpress.com

 

تعليقات الزوار
Loading...
footer ads

footer ads